السيد مصطفى بن الحسين الحسيني التفرشي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-095-1
ISBN الدورة:
الصفحات: ٤٦٢
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الحكم
العدل ، العليّ الكبير ، اللطيف الخبير . والصلاة علىٰ السراج المنير ، البشير النذير ، محمّد الأمين ، وآله الدرر الميامين . لا ريب أنّ الاشتغال
بالعلم الديني هو خير الأعمال وأفضلها ، وأخصّه فضيلةً وأعظمه بركةً هو تمييز ومعرفة الصحيح الوارد عن أهل بيت العصمة والطهارة عليهمالسلام . والمتتبّع الخبير
والمدقّق الفهيم تراه محيطٌ بالخصوصيات والسمات التي تلازم الأدلة الاجتهادية الأربعة : فالكتاب الكريم ، غير
متكفّل ببيان جميع الأحكام ، بل لا يتكفّل بخصوصيات ما تكفّل ببيانه من العبارات . والعقل ، فموارد
ادراكه للأحكام الشرعية قليلةٌ ، تنحصر في إدراك الملازمة بين حكمٍ شرعي وحكم آخر . أمّا الإجماع ، فالكاشف
منه عن قول المعصوم شاذّ نادر ، وغير الكاشف لا يمكن له أن يكون حجّة ؛ حيث إنّه لا يخرج عن إطار الظنّ غير المعتبر . فتحقّق أنّ استنباط
الحكم الشرعي يتمّ غالباً عبر الروايات المأثورة عن أهل البيت عليهمالسلام ، إلّا أنّ إثباته من خلالها يتوقّف
علىٰ أمرين :
١ ـ إثبات حجيّة الخبر .
٢ ـ إثبات حجيّة ظواهر الروايات .
ولا نسلّم الكلّية القائلة بحجيّة كلّ خبرٍ عن المعصوم ، بل أنّ دائرة الحجيّة تتضيّق هنا لتختصّ بالخبر الثقة أو الحسن . وإثبات كونه ثقةً أو حسناً يتحصّل بمراجعة علم الرجال ومعرفة أحوالهم ، فهو نصف العلم كما قيل .
ثم إنّ الذي يضاعف الحاجة إلىٰ هكذا علم هو عدم قطعية صدور روايات الكتب الأربعة ، التي أدّعىٰ جماعة من المحدّثين قطعيتها ، الأمر الذي كان أحد المحاور المهمة التي أجّجت شعلة الخلاف المرير بين الأخباريين والاُصوليين ، لا سيما زمن الشيخ يوسف البحراني صاحب كتاب الحدائق الناظرة ـ أحد كبار الأخباريين آنذاك ـ ورائد مدرسة الاجتهاد الوحيد البهبهاني قدسسرهما ، فانبرىٰ الأخير ليثبت بالدليل القاطع سقوط دعاوىٰ الأخباريين الواحدة تلو الاُخرىٰ ـ والتي منها دعوىٰ قطعية صدور روايات الكتب الأربعة ـ فاستطاع بذلك دحرهم وتحجيم دائرتهم .
وبذلك اتضح أيضاً بطلان الرأي القائل بعدم الحاجة إلىٰ علم الرجال بذريعة حجيّة كل رواية عمل بها المشهور ، وعدم حجيّة ما لم يعمل به المشهور ، سواء وُثّقوا رواتها أم ضُعّفوا .
فلو سلّمنا الكلّية المذكورة ، تبقىٰ الحاجة إلىٰ هذا العلم علىٰ حالها ، فكثيرٌ من المسائل لا منفذ لنا إلىٰ معرفة فتاوىٰ المشهور فيها ، لعدم إيرادهم لها في عباراتهم ، واُخرىٰ لا شهرة فيها علىٰ أحد الطرفين ، فيتساويان ، أو أشهرية أحدهما دون الآخر ، وليس كل مسألة فقهية يكون فيها أحد القولين أو الأقوال مشهوراً وما يقابله يكون شاذّاً .
ولقد تجلّت أهمية علم
الرجال منذ العصر الأوّل ، حيث عبيدالله بن أبي رافع كاتب أمير المؤمنين عليهالسلام كان قد دوّن أسماء الصحابة الذين
بايعوه
عليهالسلام وشاركوه حروبه في الجمل وصفّين
والنهروان . ثم في القرن الثاني
كتب في الرجال : ابن جبلة وابن فضّال وابن محبوب وغيرهم . وهكذا إلىٰ أن
تمّ تدوين الاُصول الرجالية الخمسة الشهيرة : الاختيار من كتاب الكشّي والفهرست وكتاب الرجال ـ لشيخ الطائفة الطوسي ـ وكتاب الرجال للنجاشي وكتاب الرجال للبرقي (١) . واستمرّ العطاء
المبارك يزداد نمواً وازدهاراً عصراً بعد عصر ، إدراكاً من علمائنا لمدىٰ أهمية هذا العلم وما يترتب عليه من الآثار الحسّاسة والمصيرية علىٰ مختلف الأصعدة والمجالات . إلّا أنّ نوعاً من الإهمال
قد أصاب علم الرجال في العصور المتأخرة ـ وبقول أحد جهابذة أعلامنا ـ : حتىٰ كأنّه لا يتوقّف عليه الاجتهاد واستنباط الأحكام الشرعية . فكان اللازم معالجة
هذا التراجع الخطير بالخوف في هذا العلم تصنيفاً وبحثاً وتحقيقاً . هذا ، ويعدّ كتابنا «
نقد الرجال » للعلّامة المحقّق السيّد مير مصطفىٰ الحسيني التفرشي من أبرز الكتب الرجالية التي صنّفت في القرن الحادي عشر الهجري ساعين لتسليط قليلاً من الضوء علىٰ سيرة وترجمة مؤلّفه ، ثم بيان ما يتعلق من مميزات ومختصات أفردته عمّا سواه من المصنّفات الرجالية . مؤلّف الكتاب : هو السيّد مير مصطفىٰ
بن الحسين الحسيني التفرشي من أعلام القرن الحادي عشر الهجري . __________________ (١) وإن كان بعض عدّها
ستة وذلك باضافة رجال العقيقي .
من كبار تلامذة المحقّق عبدالله بن الحسين التستري (المتوفّي سنة ١٠٢١ هـ) ، والشيخ عبدالعالي بن علي بن الحسين بن عبدالعالي العاملي الكركي (٩٢٦ ـ ٩٩٣ هـ) ، عاصر الميرزا محمّد بن علي بن إبراهيم الاسترآبادي (المتوفّي سنة ١٠٢٨ هـ) ، والشيخ بهاء الدين محمّد بن الحسين بن عبدالصمد الحارثي العاملي (المتوفّي سنة ١٠٣٠ أو ١٠٣١ هـ) ، والشيخ محمّد تقي المجلسي (المتوفّي سنة ١٠٧٠ هـ) ؛ وروىٰ عنهم .
ترجم له جمّ غفير من العلماء ، ولكن لم يتطرق أحد منهم إلىٰ سنة ولادته أو وفاته ، ولا إلىٰ حياته أو مؤلفاته ، ولا إلىٰ أساتذته أو تلامذته ، سوىٰ ما ذكرنا آنفاً .
هذا ويمكن أن يستفاد بالقرينة مما نقله الآقا بزرك الطهراني ـ فيما جاء تحت عنوان التعليقة السجادية للمولىٰ مراد بن علي خان التفريشي ـ من أنه كان حياً سنة ١٠٤٤ هـ (١) .
وقال الآقا بزرك الطهراني أيضاً عند ترجمة داود التفريشي : داود التفريشي بن إسماعيل بن حسين الحسيني صهر المير مصطفىٰ ـ صاحب نقد الرجال ـ علىٰ بنته (٢) .
قالوا : في المؤلِّف والمؤلَّف :
أثنىٰ عليه قدّس سرّه كلّ من ترجم له بوصفه بالصفات الحميدة والإشادة بغزارة علمه وتبحّره في علم الرجال ، ونُعت كتابه هذا بأنّه من أحسن ما كُتب في هذا الشأن .
فقد قال المولىٰ محمّد بن علي الأردبيلي في جامع الرواة : السيّد
__________________
(١) الذريعة ٤ : ٢٢٣ / ١١٢٢ .
(٢) أعلام الشيعة : ٢٠٨ .
الأجلّ
، جليل القدر ، رفيع الشأن ، عظيم المنزلة ، فاضل كامل متبحّر ، وأمره في جلالة قدره ورفعة شأنه وعظم منزلته وتبحّره أشهر من أنْ يذكر وفوق ما تحوم حوله العبارة ، وكفاك في ذلك تأليفه « كتاب الرجال » في كمال النفاسة ونهاية الدقّة وكثرة الفائدة ، جزاه الله تعالىٰ عنه خير جزاء
المحسنين ورضي عنه وأرضاه (١) . وذكره الميرزا
عبدالله الأفندي صاحب كتاب رياض العلماء قائلاً : السيّد الجليل المصطفىٰ بن الحسين التفرشي ، عالم ، محقّق ، ثقة ، فاضل ، له « كتاب الرجال » ، روىٰ عن مولانا عبدالله التستري وعن الشيخ عبدالعالي بن علي بن عبدالعالي العاملي عن أبيه (٢) . وقد ترجم له الميرزا
محمّد باقر الخوانساري واصفاً إيّاه بـ : الناقد البصير ، والفاقد النظير ، والمحقّق النحرير ، والموثّق التحرير ، السيّد الأمير مصطفىٰ بن الحسين الحسيني التفرشي صاحب كتاب « نقد الرجال » والمقدّم قوله في الأقوال ، كان من أكابر تلامذة مولانا المحقّق عبدالله بن الحسين التستري ومعاصراً لمولانا ميرزا محمّد الرجالي الاسترآبادي ، وكتابه المذكور من أحسن ما كتب في هذا الشأن ، وأجمعها للتحقيقات الحسان والتدقيقات المتينة المنبئة عن الإمعان ، مع غاية الإتقان ونهاية الفراهة بذا الميدان . . . إلىٰ أنْ قال : وأمّا تقدّم الرجل في هذه الصناعة فهو أيضاً من الأمر الشائع
الذائع الّذي لم ينكره أحد من الجماعة ، وكذلك كمال وثاقته وعدالته ونهاية ضبطه وجلالته (٣) . . . وقال الشيخ علي الكني
النجفي الطهراني (١٢٢٠ ـ ١٣٠٦ هـ) : __________________ (١) جامع الرواة ٢ :
٢٣٣ . (٢) رياض العلماء ٥ :
٢١٢ . (٣) روضات الجنات ٧ :
١٦٧ / ٦٢٠ .
سند السادات ومنبع السعادات السيّد مصطفىٰ التفرشي صاحب « نقد الرجال » ، ولعمري إنّه الناقد البصير ، والمعيار بلا نظير ، فميّز التام عن الناقص وبيّن المغشوش من الخالص ، شكر الله مساعيه وبدّل بالحسان مساويه (١) .
وأمّا الحر العاملي فقد ذكره قائلاً : عالم ، محقّق ، ثقة ، فاضل ، له « كتاب الرجال » ، روىٰ عن مولانا عبدالله التستري وعن الشيخ عبدالعالي بن علي بن عبد العالي العاملي عن أبيه (٢) . . .
أمّا الشيخ عبّاس القمّي فقد قال فيه في كتابه « الفوائد الرضويّة » : سيّد جليل ، ماهر ، عالم ، محقّق ، ثقة ، فاضل ، أمين ، صاحب كتاب « نقد الرجال » (٣) .
وقال محمّد علي التبريزي المعروف بالمدّرس ما ترجمته : من وجوه وأعيان علماء الإماميّة في القرن الحادي عشر الهجري ، وهو عالم عامل ، فاضل كامل ، محقّق ، مدقّق ، فقيه ، اُصولي ، رجالي متبحّر ، وإنّ مراتب فضله وكماله ووثاقته وجلالته مشهورة في جميع العلوم الدينيّة المتعارفة ، وبالأخصّ تقدّمه في علم الرجال ، فهو مسلّم عند فحول الرجال وممّا لا ريب فيه ولا منكر له ، وكتاب « نقد الرجال » من أحسن وأجمل الكتب الرجاليّة ، وكان معاصراً للشيخ البهائي (المتوفي سنة ١٠٣١ هـ) والميرزا محمّد الاسترآبادي الرجالي (المتوفّي ١٠٢٨ هـ) ، وكان أيضاً معاصراً للشيخ المجلسي الأوّل (المتوفي سنة ١٠٧٠ هـ) وكان من تلامذة ملّا عبدالله الشوشتري والشيخ عبدالعالي ابن المحقّق الكركي ، وروىٰ عنهم . وقال صاحب « نخبة المقال » في كتابه :
والمصطفىٰ حبر تفرشي |
|
ذو النقد عاصر التقي المجلسي (٤) . |
__________________
(١) توضيح المقال : ٦٣ ـ حجري ـ مطبوع ضمن كتاب منتهىٰ المقال لأبي علي الحائري .
(٢) أمل الآمل ٢ : ٣٢٢ / ٩٩٣ .
(٣) الفوائد الرضويّة ٦٦٥ .
(٤) ريحانة الأدب ٢ : ٤٤٨ / ٨١٥ .
وقال الزركلي في أعلامه
: مصطفىٰ بن الحسين الحسيني التفريشي عارف بالتراجم ، إمامي ، له « نقد الرجال » (١) . وأما عمر رضا كحّالة
فقد قال في معجمه : فاضل ، عارف بالرجال ، أخذ عن عبدالله التستري الاصفهاني ، من آثاره « نقد الرجال » (٢)
. نحن و « نقد الرجال »
. دوّن علمائنا رضوان
الله تعالىٰ عليهم في علم الرجال الكثير من المصنّفات الباهرة والآثار القيّمة ، وكان لكّل واحد منهم أساليبه ومبانيه وخصائصه التي امتاز بها عن الآخر . ولا يخفىٰ علىٰ
كلّ من اطّلع علىٰ كتاب « نقد الرجال » أنّ اسمه حاكٍ عن محتواه ، فالمؤلّف ـ قدسسره ـ سلك في تأليفه مسلك النقد والتحقيق بأوثق
الأدلة وأمتن المباني ، جامعاً فيه الأقوال والأراء علىٰ نهج قلّ نظيره ، بأوجز
الكلمات وأحسن الترتيب وأجمل العبارات مع غاية من الفائدة والانتفاع . ولقد أشار المصنّف رضي
الله عنه بنفسه إلىٰ الغاية من تأليفه هذا السفر الجليل وبيّن لنا بعض مزاياه والاُسلوب الّذي سار عليه في التأليف ، حيث قال ـ بعد أنّ حمد الله وأثنىٰ عليه وصلّىٰ وسلم علىٰ رسول
الله وأوصيائه الطاهرين ـ : أمّا بعد فيقول
الفقير المحتاج إلىٰ رحمة الله الغني مصطفىٰ بن الحسين الحسيني التفريشي : إنّه لا شكّ ولا ارتياب في أنّ علم الحديث والآثار من أشرف العلوم الإسلاميّة قدراً وأحسنها ، أعظم العلوم الدينيّة أجراً وأنفعها ، والحكم بصحّة الأحاديث وضعفها موقوف علىٰ العلم بأحوال الرجال . __________________ (١) الأعلام ٧ : ٢٣٢
. (٢) معجم المؤلّفين
١٢ : ٢٤٧ .
ولمّا نظرت في كتب الرجال رأيت بعضها لم يرتّب ترتيباً يسهل منه فهم المراد ، ومع هذا لا يخلو من تكرار وسهو ، وبعضها وإنْ كان حسن الترتيب إلّا أنّ فيه أغلاطاً كثيرة ، مع أنّ كلّ واحد منها لا يشتمل علىٰ جميع أسماء الرجال . .
أردت أنْ أكتب كتاباً يشتمل علىٰ جميع الرجال من الممدوحين والمذمومين والمهملين ، يخلو من تكرار وغلط ، ينطوي علىٰ حسن الترتيب ، ويحتوي علىٰ جميع أقوال القوم قدّس الله أرواحهم من المدح والذمّ إلّا شاذاً شديد الشذوذ ، وهذا وإنْ كان بعيداً من مثلي لكنّ الواهب غير متناهي القوة ، ورتّبته علىٰ ترتيب الحروف في الأسماء في الأوائل والثواني وكذا الآباء ، وضمّنته رموزاً تغني عن التطويل والتكثير كما جعل بعض المصنّفين (١) . . .
ثمّ ذكر بعض مصادر كتابه الّتي ينقل عنها والرموز الّتي يرمز إليها ، وبيّن طريقة نقله من هذا المصادر ، حيث قال :
فكلّ ما ننقل منهم فهو عباراتهم بعينها إلّا ما لا تفاوت في معناه ولا تغاير في مؤدّاه ، مثل : أنّ النجاشي ـ رحمهالله ـ ذكر في شأن رجل أنّ له كتاب كذا وكتاب كذا وكتاب كذا ، فإنّا ننقل منه أنّه قال له كتب ؛ لأجل الخلاص عن التطويل .
ومثل : أنّ الشيخ ـ قدسسره ـ ذكر جماعة في رجاله في باب أصحاب الصادق عليهالسلام ، ولم يذكر في شأن كلّ واحد منهم أنّه من أصحاب الصادق عليهالسلام ، بل اكتفىٰ بما قاله أوّلاً ، فإنّا ننقل منه أنّه قال : هذا من أصحاب الصادق عليهالسلام . انتهىٰ كلامه قدسسره .
وفرغ رحمهالله من تأليفه لهذا الكتاب سنة ١٠١٥ هـ ، كما أشار إلىٰ ذلك
__________________
(١) ورد في هامش نسخ الكتاب هكذا : وهو ابن داود .
في
آخر كتابه ، حيث قال : لقد بذلت جهدي وصرفت
سعيي واستعملت طاقتي في تأليف هذا الكتاب بقدر ما وصلت إليه فطنتي القاصرة في هذا الزمان مع تراكم صروف الدهر المكدرة للنفوس والأفكار ، وفرغت من تأليفه في الشهر الّذي هو سيّد الشهور من شهور سنة ١٠١٥ هـ . وقد ذكر رحمهالله جملة من الحواشي في هامش كتابه يظهر من بعضها أنّه كتبها بعد الفراغ من تأليفه للكتاب بسنوات . منها : ما في ترجمة اُستاذه
المولىٰ عبدالله بن الحسين التستري ، فانّه بعد ما ترجم له في حياته ـ حيث قال : عبدالله بن الحسين التستري مدّ ظلّه العالي شيخنا واُستاذنا . . . إلىٰ آخر كلامه ـ أورد في الحاشية : مات رحمهالله في سنة إحدىٰ وعشرين بعد ألف في
بلدة أصفهان ثمّ نقل إلىٰ كربلاء علىٰ ساكنها من الصلوات أفضلها ومن التحيات أشرفها . ومنها : ما في ترجمة
فيض الله بن عبدالقاهر الحسيني التفرشي ، فانّه بعد ما ترجم له ـ وقال عند ذكره : مدّ الله في عمره ـ ذكر في الحاشية : أنّه مات في شهر رمضان سنة خمس وعشرين بعد ألف ودفن في المشهد الغروي علىٰ ساكنه من الصلوات أفضلها ومن التحيات أشرفها . ولقد أنهىٰ
المؤلّف كتابه بخاتمة تشتمل علىٰ ستّ فوائد مهمة بعد أنْ ذكر أبواب الكنىٰ والألقاب والنساء ، وهذه الفوائد هي كما يلي . الفائدة الاُولىٰ : بيّن فيها كنىٰ الأئمّة عليهمالسلام وألقابهم علىٰ ما تقرر عند أهل الرجال عند ورودها في الأخبار . الفائدة الثانية : تطرّق فيها إلىٰ أسماء المعصومين عليهمالسلام وكناهم وتاريخ ولادتهم ووفاتهم ومدّة أعمارهم سلام الله عليهم أجمعين . الفائدة الثالثة : ذكر فيها عدّة الكليني .
الفائدة الرابعة : أشار إلىٰ طرق الشيخ الطوسي في كتابيه وكذا طرق الشيخ الصدوق .
الفائدة الخامسة : شخّص فيها معروفيّة الاُصول الّتي نقل عنها الشيخ الطوسي بالنسبة إليه .
الفائدة السادسة : أورد فيها طريقه إلىٰ الشيخ الكليني والطوسي والصدوق والمفيد . .
امتيازات الكتاب :
هذا وقد امتاز كتاب ـ نقد الرجال ـ عن أقرانه من الكتب الرجالية السابقة له بامتيازات وخصائص تتجلّىٰ عبر سلوك مصنّفه قدسسره منهجاً وأُسلوباً تفّرد بهما دون غيره فيمكن لنا القول بأنها من ابداعاته وابتكاراته ، التي فتح من خلالها آفاقاً كبيرة في علم الرجال ، لذا ترىٰ الكثير من علماء هذا الفن الذين جاءوا بعده ينتهلون من آراءه ويستقون من أفكاره ويستندون إليها .
هذا ، ونحن نشير هنا إلىٰ جملة من ابداعاته بما استطعنا أنْ نلتقط منها :
١ ـ عدم اكتفائه بذكر توثيق الرجاليين وتضعيفاتهم بل تعدى إلىٰ الاستناد والاستشهاد بتوثيقات الفقهاء في كتبهم الفقهية وتضعيفاتهم للوصول إلىٰ النتيجة المطلوبة .
٢ ـ ذكره لتلامذة الراوي الذين يكثرون من النقل عنه ، وكذلك لمشايخه الذين يروي عنهم .
٣ ـ مداقته في اختلاف نسخ الاُصول الرجالية وضبط مفرداتها .
٤ ـ مقابلته لنسخ الاصول الرجالية مع ما ينقل عنها بتوسط العلّامة وابن داود وغيرهم .
٥ ـ مناقشاته لآراء
العلّامة وابن داود وتنبيهه علىٰ بعض الأغلاط التي وقع فيها العلّامة . ٦ ـ ابداء آراءه
الخاصة حول اتحاد بعض المفردات والمشتركات أو تعددها . ٧ ـ ذكره للفوائد
الغنية الموجودة في كتابي الشيخ ـ الرجال والفهرست ـ وكتاب النجاشي وكذلك منهجيتهم . ٨ ـ اشتمال كتابه ـ
نقد الرجال ـ علىٰ متون للكشّي أو الاُصول الرجالية الاُخرىٰ غير موجودة فيما بأيدينا الآن من نسخها . ٩ ـ تنبيهه علىٰ
تراجم لمفردات في الاُصول الرجالية ترجمت في ضمن عناوين اُخرىٰ ، وذلك لذكرها إمّا تبعاً أو بالعرض معها . ١٠ ـ تنبيهه علىٰ تعدد الغضائري
الابن مع الأب مع ترجيحه إلىٰ أنّ صاحب التوثيقات والطعون هو الابن . ١١ ـ نقله عن رجال
الغضائري متون ليست متوفرة في الخلاصة ورجال ابن داود ، وذلك نظير ما هو موجود في مجمع القهپائي ، إذ الظاهر أنّ التفرشي متقدّم علىٰ القهپائي رتبةً وإنْ عاصره ، ولعلّ ما في المجمع عن
الغضائري منقول منه أو لتوفر نسخة لكليهما ، والحاصل : أنّ ما اشتهر من حصر مصدر متون كتاب الغضائري في الخلاصة وابن داود والمجمع ليس سديداً ، بل كتابنا هذا يشترك معهم أيضاً ، ومن البيّن أنّ كتاب الغضائري كان لديه فيُخَطِّأ ما ينقله ابن داود عنه مثلا . ١٢ ـ إنّ المصنّف قد
استعرض في كتابه هذا مباني العلّامة الرجالية في الخلاصة وتعرض لصحة البعض وسقم القسم الآخر منها . ١٣ ـ اختصار المؤلّف
في العديد من الموارد التي ينقلها عن رجال الشيخ أو النجاشي وذلك اكتفاءً بما ذكره عن أحدهما ، وإن كان الّذي لم
ينقله يحتوي علىٰ نكات اُخرىٰ في الترجمة .
١٤ ـ ولأهمية المباني والآراء التي طرحها التفرشي في كتابه تجد أنّ أكثر من تأخّر عنه اعتنىٰ بآرائه وناقشها .
١٥ ـ تأثّر الأردبيلي في جامع الرواة بمنهجية المصنّف الجديدة والتي بزغت عبر اسلوب ومنحىٰ كيفية التحقيق في المفردات وكيفية العثور علىٰ مصادر جديدة ، والظاهر انّ جعل الاسانيد منبعثاً في التوثيق والكشف عن المفردة قد مارسه المؤلّف .
حواشي الكتاب :
كتب جماعة من العلماء الأفاضل حواشي علىٰ كتاب « نقد الرجال » نذكر منها ما ذكره الآقا بزرك الطهراني :
١ ـ حاشية للمولىٰ محمّد تقي بن مقصود علي المجلسي الاصفهاني والمتوفّي بها في سنة ١٠٧٠ هـ ، ينقل الميرزا حيدر علي في إجازته الكبيرة ترجمة الشيخ البهائي عن هذه الحاشية الّتي نقلها بعض أحفاد المجلسي بخطّه علىٰ نسخته .
٢ ـ حاشية للسيّد عبدالله الجزائري المتوفّي سنة ١١٧٣ ، قال في إجازته : إنّها غير مدوّنة .
٣ ـ حاشية للشيخ عبدالنبي بن علي بن أحمد بن الجواد ـ الخازن لحرم الكاظمين عليهماالسلام ـ المدني الكاظمي ، نزيل جبل عامل وتلميذ السيّد عبدالله الشبّر ؛ بعنوان « تكملة الرجال » فرغ منه ليلة الثلاثاء النصف من ربيع الثاني سنة ١٢٤٠ هـ .
٤ ـ حاشية للآقا محمّد علي الكرمانشاهي المتوفّي سنة ١٢١٦ ، ينقل عنها شيخنا في خاتمة المستدرك ، وقال : هي حواشٍ كثيرة رأيتها بخطّه .
٥ ـ حاشية للمولى
عناية الله القهبائي صاحب ترتيب الكشّي وترتيب
النجاشي
ومجمع الرجال الّذي فرغ منه في سنة ١٠١٦ ، صّرح مولانا الكني في توضيح المقال بأنّه رأىٰ حواشي القهبائي علىٰ نقد الرجال ، واستظهر
شيخنا النوري ذلك أيضاً ، لكن يظهر من صاحب الرياض الترديد بين كونها للقهبائي أو للشيخ عبدالنبي الجزائري صاحب الحاوي . ٦ ـ حاشية للسيّد صدر
الدين محمّد بن السيّد صالح الموسوي العاملي الاصفهاني المتوفّي سنة ١٢٦٣ ، حكىٰ عنها سيّدنا الحسن الصدر وقال : إنّها بخطّه علىٰ هوامش نسخة كانت عند والده السيّد أبو جعفر . ٧ ـ حاشية للسيّد
نعمة الله المحدّث الجزائري المتوفّي بعد سنة ١١١٢ ، مختصرة ، دوّنها السيّد أحمد بن الحسين المدعو بالسيّد آقا التستري النجفي المعاصر وسمّاها بالتعليقة اليسيرة (١)
. وذكر أيضاً حواشٍ
وتعليقات وشروح اُخرىٰ في « مصفىٰ المقال » عند ذكر تراجم أصحابها ، منها : تعليقات للسيّد
الحسين الحسيني الخراساني علىٰ نسخة كتبها سنة ١٢٥٨ ، موجودة عند السيّد صادق كمونة بالنجف (٢) . حاشية للسيّد محمّد
شفيع بن محمّد بن السيّد عبدالكريم بن السيّد محمّد جواد بن السيّد عبدالله بن السيّد نور الدين الجزائري نزيل اصفهان ، ولد سنة ١٢١١ وتوفّي سنة ١٢٧٤ ، وقد ذكر هذه الحاشية حفيده السيّد عبدالله بن السيّد محمّد بن السيّد محمّد شفيع المتوفّي سنة ١٣٥٧ (٣)
. حاشية للآقا محمّد
علي بن الوحيد محمّد باقر بن المولىٰ محمّد أكمل البهبهاني الحائري ، المولود سنة ١١٤٤ والمتوفّي بكرمانشاهان في __________________ (١) الذريعة ٦ : ٢٢٧
. (٢) مصفىٰ المقال
: ١٥٥ . (٣) مصفىٰ
المقال : ١٩٤ .
سنة ١٢١٦ ، وقبره هناك يعرف بقبر آقا ، نقل عنها الشيخ النوري في خاتمة المستدرك وقال : هي حواشٍ كثيرة رأيتها بخطّه (١) .
حاشية للميرزا نصر الله بن أبي القاسم الشريف الفاضل ، كتب بخطّه نقد الرجال في سنة ١٢٥٤ وكتب عليه حواشٍ كثيرة دالّة علىٰ تبحّره ، والغالب في رمزها : لمحرره نصر الله (٢) .
شرح للشيخ علي الشريعتمدار ابن المولىٰ محمّد جعفر الاسترآبادي الأصل الطهراني المتوفّي بها ١٣١٥ من أجلّاء علماء المعقول والمنقول والمصنّفين في الفروع والاُصول ، أسماه : المبدأ والمآل (٣) .
هذا ما استطعنا ـ بفضل الله ومنّه ـ أنْ نحصل عليه من الحواشي والتعليقات الّتي كُتبت علىٰ الكتاب ، والدالّة بلا ريب علىٰ مدىٰ نفاسته وعلوّ مرتبته عند أرباب الفنّ وأجلّائه
منهجية التحقيق :
اعتمدنا في تحقيقنا للكتاب علىٰ ثلاث نسخ مخطوطة ورابعة حجرية ، وهي علىٰ الترتيب التالي :
١ ـ النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة مجلس الشورىٰ الإسلامي في طهران تحت رقم : ٣٩٣٨٨ / ٧٢٩٠ والّتي كانت في المكتبة الخاصّة للمرحوم نجم الدولة تحت رقم : ٨٩ .
وهي من أنفس وأقدم النسخ الموجودة للكتاب ، دوّنها المصنّف بخطّه الشريف ، وكُتب عليها : من جملة كتب مؤلفه وكاتبه مصطفىٰ الحسيني التفرشي ، وخُتمت بختمه الشريف .
__________________
(١) مصفىٰ المقال : ٣١١ .
(٢) مصفىٰ المقال : ٤٨١ .
(٣) مصفىٰ المقال : ٣٢٤ .
وهي كاملة المحتوىٰ
واضحة الخطّ ، وعليها تعليقات منه قدسسره ، وقد جُعل لكلّ ترجمة رقماً . اعتمدنا هذه النسخة أصلاً
للكتاب . ورمزنا لها بالحرف « ش
» . ٢ ـ النسخة المحفوظة
في خزانة مكتبة آية الله العظمىٰ السيّد شهاب الدين النجفي المرعشي ـ قدسسره ـ بقم المقدّسة تحت رقم : ٢١٩ ، بخطّ
فضل الله بن حسين النائيني ، والتي فرغ من كتابتها يوم الجمعة الخامس من شهر شوال سنة ١٠٦٣ هـ . وقد دُوِّنت عناوينها
بشكل بارز ، وتوجد في حاشيتها تصحيحات وتعليقات كثيرة ، وُجد مكتوب عليها : في ملك أفقر الورىٰ محمّد مكي بن محمّد بن شمس الدين بن الحسن بن زين الدين بن محمّد بن علي من سلالة الشهيد السعيد شمس الملّة والحق والدين محمّد بن مكي ـ قدسسره ـ وذلك في سنة ألف ومائة وخمسين والحمد لله وحده » . ويوجد في آخرها صورة
خطّ ملّا محمّد تقي المجلسي ، وكذلك ختم بيضوي باسم : عبده فضل الله . رمزنا لها بالحرف « م
» . ٣ ـ النسخة المحفوظة
في خزانة مكتبة آية الله العظمىٰ شهاب الدين النجفي المرعشي ـ قدسسره ـ بقم المقدّسة تحت رقم : ١٨١٣ ، بخطّ
محمّد مهدي بن محمّد صفي ، والّتي فرغ من كتابتها في سابع شهر ذي الحجّة الحرام سنة ١١٠٢ هـ . صفحاتها مؤطّرة باطار
أسود وذهبي ، كُتبت أسماء العناوين بخطّ بارز ، توجد في حاشيتها تصحيحات منها بخطّ ملّا محمّد تقي المجلسي . الصفحة الأولىٰ
كُتبت بخطّ ملوّن جميل ، وفي الصفحة الآخيرة صورة خطّ ملّا محمّد تقي المجلسي .
رمزنا لها بالحرف « ت » .
٤ ـ النسخة الحجرية التي كتبها عبدالغفّار وطُبعت بطهران سنة ١٣١٨ هـ وذكر كاتبها في أوّل صفحة من الكتاب أنّه بعد طبعه له حصل علىٰ النسخة المخطوطة من نقد الرجال بخطّ المؤلّف ومختومة بختمه الشريف وصحّح المطبوع عليها .
وهي تحتوي علىٰ ٤٢٧ صفحة .
تعليقة المجلسي الأوّل علىٰ « نقد الرجال » .
لقد سبق إن ذكرنا بأنّ جماعة كثيرة من علماء الفن قد كتبوا تعليقات وحواشي علىٰ كتاب نقد الرجال ، إلّا أنّنا ـ وفقاً لمنهجنا في العمل وتحفّظاً عن الخروج كثيراً عن متن الكتاب ـ قد ارتأينا الاقتصار علىٰ نقل حواشي المولىٰ محمّد تقي المجلسي الّتي تعدّ بذاتها مصدراً ثميناً نقل عنها بعض حذقة الفن واعتمدها آخرون .
وتعظيماً منّا لصاحب هذه الحاشية نترجم له في سطور :
هو المولىٰ محمّد تقي بن مقصود علي المجلسي صاحب كتاب روضة المتّقين الّذي ولد سنة ١٠٠٣ هـ وتوفّي سنة ١٠٧٠ هـ في اصفهان ودفن في الباب القبلي من الأبواب التسعة لجامعها الأعظم ، ودفن معه ولده العلّامة محمّد باقر المجلسي وغيره من العلماء . كان فاضلاً عالماً محقّقاً متبحّراً زاهداً عابداً ثقة متكلّماً فقيهاً ، وحيد عصره وفريد دهره ، وقيل : إنّه أوّل من نشر حديث الشيعة بعد ظهور الدولة الصفويّة .
وقد اتُّهم ـ قدسسره ـ بالتصوّف ، إلّا إنّ ابنه العلّامة محمّد باقر المجلسي نزّهه عن ذلك في بعض رسائله حيث قال : وايّاك أنْ تظنّ بالوالد العلّامة نوّر الله ضريحه أنّه كان من الصوفيّة ويعتقد مسالكهم ومذاهبهم حاشاه عن ذلك ، وكيف يكون كذلك وهو كان آنس أهل زمانهم بأخبار أهل البيت عليهمالسلام