الدكتور محمد حسين علي الصّغير
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار المؤرّخ العربي
الطبعة: ١
الصفحات: ١٩١
بسم الله الرحمن
الرحيم مقدمة هذه دراسة تكتسب أهميتها من أهمية
موضوعها الذاتية في التشريع والتأريخ والتراث . وموضوع هذه الدراسة يتصل بصميم القرآن
نصاً ومفهوماً ، ويتعلق بجوانبه الإيحائية والتدوينية والشكلية أثراً ومعاناة وتأريخاً ، وهو يحوم حول جزئيات متناثرة ، يجمع شتاتها ، ويوجد متفرقاتها ، بعيداً عن الفهم التقليدي حيناً ، وعن التزمت الموروث حيناً آخر ، في استيعاب القضايا المعقدة ، وارتياد المناخ المجهول ، وسوف لا تلمس فيه للتعصب أثراً ، ولا تصطدم بالمحاباة منهجاً ، الهدف العلمي يطغى فيه على الهوى النفسي ، ليلتقي من خلال ذلك الغرض الفني في النقد والتمحيص ، بالغرض الديني في الاستقراء والمعرفة ، لم أكن فيه متطرفاً حد الإفراط ، ولا متسامحاً حد التهاون ، بل اتخذت بين ذلك سبيلاً . ومفردات هذه الدراسة تتناول « تأريخ
القرآن » بكل التفصيلات الدقيقة ، والأبعاد المترامية الأطراف ؛ ابتداءً من ظاهرة وحيه ، ومروراً بنزوله ، وجمعه ، وقراءاته ، وشكله ، وانتهاء بسلامته وصيانته ، فكان أن انتظم عدة فصول هي كالآتي : الفصل
الأول : وحي القرآن ؛ وقد تكفل بالحديث عن
ظاهرة الوحي القرآني ، ورعاية الوحي للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
شأنه بذلك شأن من تقدمه من الرسل ، وكان ميداناً لتفسير الظاهرة وتعليلها نفسياً وعلمياً وقرآنياً ، مع معالجة مجموعة التقولات والاجتهادات التي تناولت الوحي حيناً ، والكشف والإلهام والروحية حيناً آخر ، بما ميّزنا به حالة الوحي عن سواها ، وتأثيرها
الخارجي عند النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكيف يفسر بعض المستشرقين ذلك عناداً وتمويهاً ، فخلص للظاهرة مردودها الخارجي البعيد عن حالات اللاوعي المزعوم ، ذلك المردود الذي أعطى نتائج طبيعية لشدة وقع الوحي في استقبال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لحقيقة جديدة مستقلة عن كيانه وشعوره وإرادته ، تأمر وتنهى وتقرر ، والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يستمع ، وينفذ ، ويبلغ ، وكان ذلك هو الوحي ، وكان هذا الوحي قرآناً عجباً ، عبرت العرب عن حيرتها أمام تياره المتدفق ، وأخفقت تخرصاتها المتناقضة في وصفه .
الفصل الثاني : نزول القرآن ، وقد تناول بالبحث المركز : بداية النزول ، وزمن النزول ، والنزول التدريجي والجملي وأسرار تنجيم القرآن الكريم ، ومرحلية النزول ، وتأريخية السور القرآنية مكيها ومدنيها ، وضوابط هذين القسيمين ، وأسباب النزول وتأريخيته ، وما نزل بمكة وما نزل بالمدينة ، بما يعتبر فصلاً نموذجياً مكثفاً ، أعقبناه بترتيب إحصائي لسور القرآن وعددها ، وعدد آياتها ، ونزولها الزماني والمكاني .
الفصل الثالث : جمع القرآن ، وقد تناول بالبحث الموضوعي : روايات الجمع في تأريخها وتناقضها ، وتتبع شذراتها هنا وهناك وغربلتها ، وذهب إلى أن القرآن كان مجموعاً على عهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكانت أدلة جمعه متعاقبة في الروايات المعتبرة ، وتوافر مصاحف الصحابة ، وعملية الإقراء القرآني والتعليم في عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ودليل الكتابة ووجود الكتاب ، وأدلة أخرى قطعية استنتاجية وروائية ، وتساءل عن مصير مصحف أبي بكر ( رض ) وبحث المواقف المترددة في الأمر ، وعقبها بالرأي النهائي ، وتحدث عن مصحف عثمان في أطواره كافة ، واعتبره النص القرآني الكامل .
الفصل
الرابع : قراءات القرآن ، وقد تناول بالبحث
الاتجاهات الرئيسية في أسباب ومؤثرات وعوامل نشوء القراءات القرآنية ، وناقش حديث الأحرف السبعة ، وعرض موضوع اختلاف القراءات وتعددها منذ عهد مبكر ، وكان مصدر القراءات مستهدفاً الاتجاهات كافة ، باعتبار شكل المصحف العثماني ، وطريق الرواية الشفوية عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
، واختلاف لهجات العرب ، قضايا ذات أهمية متكافئة في نشوء القراءات ، ثم بحث
وجوه
القراءات ، ثم عرض باختصار لعدد القراء وتضارب الآراء في منزلتهم ، وحقق القول في السبعة منهم ، واعتماد قراءاتهم كأصل يرجع إليه ، وكان الاختلاف في هذه القراءات لا يعدو الشكل غالباً ، ولا يتجاوزه إلا نادراً ، ووثق القراءات السبع ، وفرق بين القراءة والاختيار ، وأورد اعتبار البعض القراءة سنة ، وضعف الشاذ منها ، وأبان شروط القراءة المعتبرة في ضوء مقاييس النقد والقبول ، وبين الاختلاف في نسبة التواتر في القراءات ، أهو للقراء أم هو للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأشار إلى الفرق بين حجية هذه القراءات ، وبين جواز الصلاة فيها . الفصل
الخامس : شكل القرآن ، وتناول بالبحث : ما هو
المراد من شكل القرآن ، وكراهة الأوائل للزيادات التوضيحية في الرسم القرآني ، وبداية إعجام القرآن ونقطه على يد أبي الأسود وتلامذته ، فكان الرائد الأول ، وتبعه الخليل بن أحمد الفراهيدي في ابتداع أشكال الحركات . وبحث بعد النقط والحركات مظاهر الهمز والتشديد والروم والأشمام ، وما أحدث على الشكل عموماً بغية التطوير ، وجعلوا لذلك قواعد للتمييز بين النص ومحسناته ، ثم تناول مسألة الرسم المصحفي ، وما صاحبها من مغالاة وتقديس لا تمت إلى الذائقة الشرعية بصلة ، ونفى ادعاء كون الخط المصحفي توقيفيًّا ، وذهب إلى أنه مما تواضع عليه الكتبة ، ولا مانع من أن يكتب بأي خط كان ، وعزا اختلاف الخطوط ، ومغايرتها لأصول الإملاء العربي ، إلى اشتباه الكتاب ، ولا ضير عليهم في ذلك إذ هو مدى ما يعرفون . وكان شكل القرآن متجاوباً مع العصور في تطوير خطوطه حتى طباعته في الغرب وفي مصر وفي أجزاء أخرى من الوطن العربي . الفصل
السادس : سلامة القرآن ، وقد تناول بالبحث توثيق
النص القرآني ، وعدم وقوع التحريف فيه . وعالجنا القول بالتحريف من كل وجوهه وافتراضاته ، فكان مبنياً على ادعاءات ، وافتراضات ، وروايات ، واتهامات ، وشبهات ، ومحاولات . عرضنا لها جميعاً بشيء من المناقشة
والحجاج والسرد ، انتهينا من خلالها جميعاً إلى سلامة القرآن وصيانته من التحريف . وكانت مصادر هذه الدراسة ومراجعها تعتمد
ما كتب القدامى في
علوم القرآن ، والتفسير ، وأسباب النزول ، والقراءات ، والرسم ، والحديث ، وما حققه المحدثون من إنجاز في المجالات نفسها ، وإن كان متضاءلاً ، وما كتبه المستشرقون في تأريخ القرآن ، ونظمه ، وتأليفه ، وشكله ، وكتابته ، وقراءته ، ومراحله ، ومكيه ، ومدنيه ، وغيرها .
ولم يكن ضرورياً موافقة من كتب ، أو متابعة من اجتهد ، فطالما اختلفنا في وجهات النظر المتغايرة ، وربما انتقدنا وذهبنا بالنقد كل مذهب ينتهي إلى الحقيقة ، وربما اتفقنا مع جملة من الآراء . وإزاء هذا وذاك ، احترمنا كل رأي ، مصيباً كان أم مخطئاً ، مع إقرارنا للصواب ومناقشتنا للخطأ ، سواء أخذنا بذلك أو لم نأخذ ، فالطريق العلمي أحق أن يتبع ، والاستنتاج القائم على أساس المقارنة بين النصوص ، والممايزة بين الاجتهادات ، أجدر بالاحترام المنهجي ، وقدسية الأثر الديني المتمثل في القرآن الكريم أسمى من كل الاعتبارات الهامشية التي لا تمتُّ إلى المنطق بصلة ، والأسماء وإن كانت لامعة إلا أنها قد تختفي بأضواء الحقائق العلمية .
هذا ما انتهجته هذه الدراسة في الرأي والكشف والاجتهاد ، وما توفيقي إلا بالله العلي العظيم ، عليه توكلت وإليه أنيب ، وهو حسبي ونعم الوكيل .
|
الدكتور محمد حسين علي الصغير |
ما برحت حياة النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم
موضع عناية الدارسين من أبعاد مختلفة ، وبقدر ما عُبىء للموضوع من أهبة واستعداد ، ومنهجية في أغلب الأحيان ، فما تزال هناك بقية للبحث ، فقد تنقصنا كثير من الوثائق عن حياته الروحية قبل البعثة ، وصلتها بحياته العامة والخاصة بعد البعثة . هناك شذرات متناثرة في كتب السيرة
والتأريخ والآثار ، تتعلق بحياة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
هامشياً ، تتخذ مجال الثناء والأطراء حيناً ، وتتسم بطابع الحب والتقديس حيناً آخر ، وهي مظاهر لا تزيد من منزلة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
الذاتية ، ولا تكشف عن مكنونات مثله العليا ، ذلك باستثناء الإجماع على عزلته في عبادته وتحنثه ، والاقتناع بصدقه وأمانته ، وهي شذرات غير غريبة في أصالة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
الكريمة ، وتقويمه الخلقي الرصين . وتطالعنا ـ أحياناً ـ أحداث في تأريخ
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
قبل البعثة ، لها مداليل من وثاقة ، ورجاحة من عقل ، كالمشاركة الفاعلة في حلف الفضول ، وتميزه بالدفاع عن ذوي الحقوق المهتضمة ، وكاللفتة البارعة في رفع الحجر الأسود ، ووضعه بموضعه من الكعبة اليوم ، بما أطفأ به نائرةً ، وأخمد فتنةً . وهناك
انفراده عن شباب عصره بالحشمة والاتزان ، وهو في شرخ الصبا وعنفوان العمر ، والتأكيد على الخلوة الروحية بين جبال مكة وشعابها ، وفي غار حراء بخاصة ، والحديث عن تجواله في سفرتين تجاريتين ، لا يفصح كثيراً عن ثمرة تجربتهما النفسية ، ولا يعرف صدى مشاهداتهما روحياً واجتماعياً .
في حياته العائلية قبل البعثة نجده يتيماً يسترضع في بني سعد ، ويفقد أبويه تباعاً ، ويحتضنه جده عبد المطلب حضانة العزيز المتمكن ، وبوفاته يوصي به لأبي طالب ، ويتزوج وهو فتى في الخامسة والعشرين من عمره من السيدة العربية خديجة بنت خويلد ، وكان زواجاً ناجحاً في حياة عائلية سعيدة ، تكّد وتكدح في تجارة تتأرجح بين الربح والخسران ، وفجأة الوحي الحق ، والتجأ إلى خديجة ، تزمله آناً ، وتدثره آناً آخر .
وينهض النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في دعوته ، فتجد الدعوة مكذبين ومصدقين ، وتقف قريش بكبريائها وجبروتها في صدر الدعوة ، ويلقى الأذى والعنت من قومه وعشيرته الأقربين ، وفي حمأة الأحداث يموت كافله وزوجته في عام واحد ، فيكون عليه عام الأحزان ، فلا اليد التي قدمت المال للرسالة ، ولا الساعد الذي آوى وحامى ، ويوحى إليه بالهجرة ، فتمثل حدثاً عالمياً فيما بعد .
هذه لمحات يذكرها كل من يترجم للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يطيل بها البعض ، ويوجز البعض الآخر ، وليست كل شيء في حياة النبي ، فقد تكون غيضاً من فيض .
ولست في صدد تأريخية هذه الأحداث ، ولا بسبيل برمجتها ، لألقي عليها ظلالاً مكثفة من البحث ، ولكنها لمسات تمهيدية تستدعي الإشارة فحسب .
ومهما يكن من أمر ، فقد تبقى طريقة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم المنهجية في التوفيق بين واجباته الروحية ومهماته القيادية من جهة ، وبين حياته العامة ومساره الدنيوي من جهة ثانية ، لا تجد تأريخاً يمثل بدقة ووضوح تأمين المنهج الرئيسي الذي اختطه لنفسه هذا القائد العظيم وهو في مكة المكرمة .
في المدينة المنورة حيث العدد والعدة ، والنصرة والفداء ، نلمس إيحاءً قرآنياً بنقطتين مهمتين :
الأولى
: مواجهته للمنافقين وتحركهم جهرة وخفاءً
، وتذبذبهم إزاء الرسالة بين الشك المتمادي ، والتصديق الكاذب ، يصافحون أهل الكتاب تارة ، ويوالون مشركي مكة تارة أخرى ، حتى ضاق بهم ذرعاً ، ونهاهم
القرآن
الكريم عن التردي في هذه الهاوية مراراً وتكراراً ، وهددهم بالاستئصال والتصفية بعض الأحيان ، ولم ينقطع كيدهم ، فمثلوا ثورة مضادة داخلية ، تفتك بالصفوف وتفرق الجموع ، لولا الوقوف في نهاية الأمر بوجه ترددهم الخائف ، وهزائمهم المتلاحقة ، إثر ما حققه الإسلام من انتصارات في غزواته وحروبه الدفاعية ، إلا أن جذوتهم بقيت ناراً تحت رماد ، وعاصفة بين الضلوع ، تخمد تارة وتهب أخرى . الثانية
: مجابهته للفضوليين ، الذين كانوا
يأخذون عليه راحته ، ويزاحمونه وهو في رحاب بيته ، بين أفراد عائلته وزوجاته ، فينادونه باسمه المجرد ، ويطلبون لقاءه دون موعد مسبق ، بما عبّر عنه القرآن بصراحة : (
إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا
يَعْقِلُونَ (٤) ) (١)
. واستأثر البعض من هؤلاء وغيرهم بوقت
القائد ، فكانت الثرثرة والهذر ، وكان التساؤل والتنطع ، دون تقدير لملكية هذا الوقت ، وعائدية هذه الشخصية ، فحدّ القرآن من هذه الظاهرة ، واعتبرها ضرباً من الفوضى ، وعالجها بوجوب دفع ضريبة مالية تسبق هذا التساؤل أو ذاك الخطاب ، فكانت آية النجوى : (
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ
يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَٰلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (١٢)
)
(٢) . وكان لهذه الآية وقع كبير ، فامتنع
الأكثرون عن النجوى ، وتصدق من تصدق فسأل ووعى وعلم ، وانتظم المناخ العقلي بين يدي الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم
فكفّ الفضول ، وتحددت الأسئلة ، ليتفرغ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
للمسؤولية القيادية . ولما وعت الجماعة الإسلامية مغزى الآية
، وبلغ الله منها أمره ، نُسّخ حكمها ورُفع ، وخفف الله عن المسلمين بعد شدة مؤدبة ، وفريضة رادعة ، وتأنيب في آية النسخ : __________________ (١) الحجرات : ٤ . (٢) المجادلة : ١٢ .
( أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٣) ) (١) .
كان هذا وذاك يستدعي الوقوف فترة زمنية عند رعاية الوحي للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في التوفيق بين واجباته القيادية ، وحياته الاعتيادية ، فأمام المنافقين نجد الحذر واليقظة يتبعهما الإنذار النهائي باغرار النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بهم ، وعند الحادثتين التاليتين نجد الوحي حاضراً في اللحظة الحاسمة ، فيسليه في الأولى بأن أكثر هؤلاء لا يعقلون . ويعظمه في الثانية بجعل مقامه متميزاً ، فلا يخاطب إلا بصدقة ، ولا يسأل إلا بزكاة .
وما زلنا في هذا الصدد فإننا نجد الوحي رفيقاً أميناً لهذا القائد الموحى إليه ، من هذه الزاوية التوفيقية بين التفرغ لنفسه ، والتفرغ لمسؤولياته ، وهذا أهم جانب يجب أن يكشف في حياة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والكشف عنه إنما يتم بدراسة حياة النبي الخاصة مرتبطة بهذه الظاهرة ، وهي ظاهرة الوحي الإلهي ، ومدى الاتصال والانفصال بينها وبين النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وحاجته الملحّة إلى هذا الشعاع الهادي ، منذ البدء وحتى النهاية .
لم يكن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بدعاً من الرسل ، ولم يختص بالوحي دونهم ، بل العكس هو الصحيح ، فقد شاركهم هذه الظاهرة ، وقد أوحي إليه كما أوحي إليهم من ذي قبل ، قال تعالى :
( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (١٦٣) وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا ) (٢) .
فقد هدفت الآية وما بعدها إلى بيان حقيقة الوحي الشاملة للأنبياء عليهمالسلام كافة ، ممن اقتص خبرهم وممن لم يقتص ، وإيثار موسى بالمكالمة وحده .
ويبقى التساؤل قائماً : بماذا تفسر هذه الظاهرة ، وكيف تعلل نفسياً ؟ وكيف تنطبق كونياً ، وكيف عولجت قرآنياً ؟ وهل هي حقيقة تنطلق من ذات
__________________
(١) المجادلة : ١٣ .
(٢) النساء : ١٦٣ ـ ١٦٤ .
النبي
صلىاللهعليهوآلهوسلم ؟ أم هي ظاهرة
منفصلة عنه تماماً ؟ وما هو سبيل معرفتها جوهرياً عند النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ؟ وعند الناس ؟ وكيف
آمن به بكل قوة ويقين وآمن بها من حوله ؟ وللإجابة عن هذه الافتراضات ، لا بدّ من
رصد جديد لهذه الأبعاد كافة ، وقد يرى ذلك غريباً في تأريخ القرآن ، ولكن نظرة تمحيصية خاطفة ، تؤصل حقيقة هذا المناخ ، وتؤكد ضرورة هذا المنهج ، لأن الوحي يشكل بعداً زمنياً معنياً يقترن بنزول القرآن ، وذلك أول تأريخ القرآن ، ويستمر معه بوحي القرآن متكاملاً ، وذلك تفصيلات تأريخ القرآن في عهد الرسالة ، وهو الجزء المهم والأساس في هذا التأريخ . وباستعراض هذه الافتراضات سوف نلمس
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
عبداً مأموراً محتسباً ، يُنفّذ ولا يسأل ، ويبلغ ولا يضيف ، مهمته التلقي والأداء ، مستقلاً بذاته ، ومنفصلاً عن ظاهرته ، ويبقى الجمع بين حياته العامة والخاصة من اختصاصه بتوجيه من الله تعالى ، وبعناية من وحيه ، فلا تعارض بينهما ، فيرتفع بذلك ما أثرناه مسبقاً ، ويتلاشى الإشكال بهذا الملحظ ، مع أننا نلمس بشكل جدي أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
قد وهب حياته للوحي ، مبلغاً أميناً ، ورسولاً كريماً ، إلا أن شخصيته حقيقة ، والوحي حقيقة أخرى ، وهذا ما ندأب إلى إثباته علمياً . * * * إن ما يذهب إليه بعض الدارسين من أن
ظاهرة الوحي ، قد يراد بها المكاشفة ، وقد يعبر عنها بالوحي النفسي تارة ، أو الإلهام المطلق تارة أخرى ، دون تحديد مميز ، لا يتوافق مبدئياً مع دراسة النهج الموضوعي لظاهرة الوحي . إن كلمة الإلهام ليس لها أي مدلول نفسي
محدد ، مع أنها مستخدمة عموماً لكي ترد معنى الوحي إلى ميدان علم النفس . والوحي النفسي يدور حول معرفة مباشرة
لموضوع قابل للتفكير ، والوحي الإلهي يجب أن يأخذ معنى المعرفة التلقائية والمطلقة لموضوع لا يشغل التفكير ، وأيضاً غير قابل للتفكير .
والمكاشفة لا تنتج عند صاحبها يقيناً كاملاً ، ويقين النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالوحي قد كان كاملاً ، مع وثوقه بأن المعرفة الموحى بها غير شخصية ، وطارئة ، وخارجة عن ذاته (١) .
والوحي الإلهي هو الفصل الذي يكشف به الله للإنسان عن الحقائق التي تجاوز نطاق عقله (٢) .
وإذا كان الوحي فعلاً متميزاً ، فهو صادر عن فاعل مريد ، وهذا الفاعل المريد هو الله تعالى ، وليس الإلهام والكشف كذلك ، وهذا ما يميز الوحي عن المكاشفة ، والوحي النفسي ، والإلهام ، إذ أن مردّ الإلهام يعود عادة إلى الميدان التجريبي لعلم النفس ، ونزعة الوحي النفسي في انقداحها تعتمد على التفكر في الاستنباط ، والمكاشفة تتأرجح بين الشك واليقين .
أما الوحي فحالة فريدة مخالفة لا تخضع إلى التجربة أو التفكير ، ومتيقنة لا مجال معها للشك . مضافاً إلى أن حالات الكشف والإلهام والإيحاء النفسي حالات لا شعورية ولا إرادية ، والوحي ظاهرة شعورية تتسم بالوعي والإدراك التأمين .
والوحي بالمعنى المشار إليه يختص بالأنبياء ، وليس الإلهام أو الكشف كذلك ، فهما عامان وشائعان بين الناس .
ولقد فرَّق المستشرق الألماني الدكتور تيودور نولدكه ( ١٨٣٦ ـ ١٩٣٠ م ) بين الوحي والإلهام تفريقاً فيه مزيج بين الواقع والصوفية ، فاعتبر الوحي خاصاً بالأنبياء ، والإلهام خاصاً بالأولياء إذ لا يوحى إليهم (٣) .
ويتجلى الفرق بين الإلهام والوحي بتعبير آخر ، وبتصور متغاير ، أن مصدر الإلهام باطني ، وأن مصدر الوحي خارجي ، بل الإلهام من الكشف المعنوي ، والوحي من الواقع الشهودي ، لأن الوحي إنما يتحصل بشهود الملك وسماع كلامه ، أما الإلهام فيشرق على الإنسان من غير واسطة
__________________
(١) ظ : مالك بن نبي ، الظاهرة القرآنية : ١٦٧ وما بعدها .
(٢) ظ : د . جميل صليبا ، المعجم الفلسفي : ٢ / ٥٧٠ .
(٣) ظ : نولدكه ، دائرة المعارف الإسلامية : مجلد ٩ مادة : الدين .
ملك
، فالإلهام أعم من الوحي ، لأن الوحي مشروط بالتبليغ ، ولا يشترط ذلك في الإلهام . والإلهام ليس سبباً يحصل به العلم لعامة
الخلق ، ويصلح للبرهان والإلزام ، وإنما هو كشف باطني ، أو حدس ، يحصل به العلم للإنسان في حق نفسه لا على وجه اليقين والقطع ، كما هي الحالة في الوحي ، بل على أساس الاحتمال الإقناعي (١)
. ولهذا فلا اعتبار بما حاوله الأستاذ
محمد عبده : بجعل الإلهام وجداناً تستيقنه النفس ، وحسبان ذلك طريقاً لإمكان الوحي (٢)
. إن طريق الوحي هو التلقي ، وطريق هذا
التلقي هو الملك وفي ضوئه نجد عبد القاهر الجرجاني ( في ٤٧١ هـ ) حدياً بتمثل الوحي متفرداً بما ألقاه جبرئيل عليهالسلام
على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
، وأن القول بأنه : « قد كان على سبيل الإلهام ، وكالشيء يلقى في نفس الإنسان ، ويهدى له من طريق الخاطر والهاجس الذي يهجس في القلب ، فذلك مما يستعاذ بالله منه ، فإنه تطرق للإلحاد » (٣)
. ولقد تطرق بعض الباحثين الكهنوتيين
فادعى بأن الوحي : « هو حلول روح الله في روح الكتّاب الملهمين لاطلاعهم على الحقائق الروحية والأخبار الغيبية ، من غير أن يفقد هؤلاء الكتاب بالوحي شيئاً من شخصياتهم ، فلكل منهم نمطه في التأليف ، وأسلوبه في التعبير » (٤)
. وهذا التعبير عن الوحي بهذا الفهم ، يختلف
جذرياً عن المفهوم القرآني للوحي ، ويضفي مناخاً باطنياً في الحلول والاتحاد ، يدفعه الإسلام ، وهو سبيل مختصر إلى تقمص الصفاء الروحي وادعائه من قبل من لم يحصل عليه ، وفيه استهواء للدجل الاجتماعي عند الكهنة والكذبة ، وبعد __________________ (١) ظ : د . جميل
صليبا ، المعجم الفلسفي : ١ / ١٣١ . (٢) ظ : محمد عبده ، رسالة
التوحيد : ١٠٨ . (٣) عبد القاهر ، الرسالة
الشافية ، ضمن ثلاث رسائل في إعجاز القرآن : ١٥٦ . (٤) جورج بوست ، قاموس
الكتاب المقدس ، وانظر : صبحي الصالح مباحث في علوم القرآن : ٢٥ .
هذا : فهو مغاير لمفهوم الوحي وطريقته اللذين خاطب الله بهما رسله ، وعلمهم من خلالهما ، مع استقلال في شخصية الوحي ، بعيدة عن مراتب الفراسة والتجانس الروحي ، واستقلال في المتلقي بعيد عن الاستنتاج الذاتي ، أو التعبير المطلق بكل صوره .
إن عملية الوحي الإلهي إنما تخضع لتصور حوار علوي بين ذاتين : « ذات متكلمة آمرة معطية ، وذات مخاطبة مأمورة متلقية » (١) .
ولم تتشاكل في مظهر من مظاهر الوحي وظاهرته ، الذات المتكلمة ، والذات المخاطبة في قالب واحد ، ولم يتحدا في صورة واحدة على الإطلاق ، فهما متغايران .
إن ظاهرة الوحي الإلهي ظاهرة مرئية ومسموعة ، ولكنها خاصة بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وحده ، فما اتفق ولو مرة واحدة ، أن سمع أصحابه صوت الوحي ، ولا حدث أن رأوا هذا الكائن الموحي ، ومع هذا فقد أدركوا صحة ما نزل عليه ، وصدق ما أوحي إليه ، بدلائل الإعجاز ، وقرائن الأهوال ، واعتبارات الاختصاص ، فالنفس الإنسانية ، وإن كانت واحدة في الأصل والجوهر ، ولكنها تختلف شفافية كما تختلف تخويلاً من قبل الله تعالى ، فالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يرى ويسمع ويعي ما حوله من الظاهرة بيقين مرئي مشاهد ، ومن حوله لا يرون ولا يسمعون ولكنهم يصدقون ويؤمنون .
وربما قيل أن ما يتلقاه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من الروح الأمين وهو رسول الوحي : « هو نفسه الشريفة من غير مشاركة الحواس الظاهرة ، التي هي الأدوات المستعملة في إدراك الأمور الجزئية ، فكان صلىاللهعليهوآلهوسلم يرى ويسمع حينما يوحى إليه من غير أن يستعمل حاستي البصر والسمع . . . فكان صلىاللهعليهوآلهوسلم يرى الشخص ، ويسمع الصوت مثل ما نرى الشخص ونسمع الصوت غير أنه ما كان يستخدم حاستي بصره وسمعه الماديتين كما نستخدمهما ، ولو كانت رؤيته وسمعه بالبصر والسمع الماديين لكان ما يجده مشتركاً بينه وبين غيره ، فكان سائر الناس يرون ما يراه ، ويسمعون ما يسمع ، والنقل القطعي يكذب
__________________
(١) ظ : مالك بن نبي ، الظاهرة القرآنية : ١٩٤ + صبحي الصالح ، مباحث في علوم القرآن : ٢٧ .
ذلك
، فكثيراً ما كانت تأخذه برحاء الوحي ، وهو بين الناس ، فيوحى إليه ، ومن حوله لا يشعرون بشيء ، ولا يشاهدون شخصاً يكلمه » (١) . وقد يفسر هذا بأنه ظاهرة ذاتية ، ولكن
عمى الألوان (٢)
ـ مثلاً ـ يقدم لنا حالة نموذجية ، لا يمكن في ضوئها أن ترى بعض الألوان بالنسبة لكل العيون . « هناك مجموعة من الإشعاعات الضوئية دون
الضوء الأحمر ، وفوق الضوء البنفسجي لا تراها أعيننا ، ولا شيء يثبت علمياً أنها كذلك بالنسبة لجميع العيون ، فلقد توجد عيون يمكن أن تكون أقل أو أكثر حساسية أمام تلك الأشعة ، كما يحدث في حالة الخلية الضوئية الكهربية » (٣)
. وهذا مطرد بالنسبة للبصر المادي
المتفاوت ، أما على التفسير الأول ، فينتفي الأشكال جملة وتفصيلاً ، فهو من باب الأولى . ولقد توصل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
إلى اليقين القطعي بصدق الرؤية والسمع عند حدوث ظاهرة الوحي طيلة ثلاثة وعشرين عاماً ، وكان لذلك إمارات خارجية تبدو على وجهه وعينه وجبينه ، من شجوب أو احتقان أو تصبب عرق ، وقد يرافق ذلك دوي بجسمه أو أصداء أو أصوات كما تقول الروايات (٤)
. ولكن هذه المظاهر لم تمتلك عليه وعيه
الكامل ، وإحساسه اليقظ ، لأنها إمارات خارجية لا تغير من حقيقة شعوره على الإطلاق ، فقسمات الوجه ، وتعرق الجبين ، وشحوب المحيا لا تدل في حالة اعتيادية على تغير في الوعي ، أو انعدام للذاكرة ، أو فقدان للشعور ، وما هي إلا طوارىء عارضة لا تمس الجوهر بشيء . __________________ (١) الطباطبائي ، الميزان
: ١٥ / ٣١٧ وما بعدها . (٢) عمى الألوان
قسمان : كلي وجزئي ، فالكلي هو العجز عن التمييز بين الألوان مع بقاء الإحساس البصري سليماً من الاضطراب ، والجزئي هو العجز عن إدراك لون بعينه ، أو عن تمييز ذلك اللون عن غيره . ( ط : المعجم الفلسفي : ٢ / ١٠٨ ) . (٣) مالك بن نبي ، الظاهرة
القرآنية : ١٧٨ . (٤) ظ : ابن سعد ، الطبقات
الكبرى : ١ / ١٩٧ + البخاري ، الجامع الصحيح : ١ / ٤ + الفتح الرباني : ٢٠ / ٢١٢ + فتح الباري : ١ / ٢١ .
ولقد تعجل بعض النقاد من المستشرقين ، حين ألموا بهذه الدلائل النفسية ، والإمارات الشكلية الخارجية التي لا تنتاب الوعي إطلاقاً ، ولا تؤثر على الإدراك في حال ، فاعتبروها ـ مخطئين ـ أعراضاً للتشنج تارة ، وللإغماء تارة أخرى . « وهذا الرأي يشمل خطأ مزدوجاً حين يتخذ من هذه الأغراض الخارجية مقياساً يحكم به على الظاهرة القرآنية بمجموعها ، ولكن من الضروري أن نأخذ في اعتبارنا قبل كل شيء الواقع النفسي المصاحب ، الذي لا يمكن أن يفسر أي تعليل مرضي . . . فإذا نظرنا إلى حالة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وجدنا أن الوجه وحده هو الذي يحتقن ؛ بينما يتمتع الرجل بحالة عادية ، وبحريّة عقلية ملحوظة من الوجهة النفسية ، بحيث يستخدم ذاكرته استخداماً كاملاً خلال الأزمة نفسها ، على حين يمحى وعي المتشنج وذاكرته خلال الأزمة ، فالحالة ـ إذن ـ ليست حالة تشنّج .
هذا التلازم الملحوظ بين ظاهرة نفسية في أساسها ، وحالة معينة ، هو الطابع الخارجي المميَّز للوحي » (١) .
وهكذا كان لظاهرة الوحي عند بعض المستشرقين تفسيرات خاطئة ، أملاها حقد ودجل وافتراء ، فقد كان الوحي على حد زعمهم أثراً لنوبات الصرع التي تعتري الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم فكان يغيب عن صوابه ، ويسيل منه العرق ، وتعتريه التشنجات ، وتخرج من فيه الرغوة ، فإذا أفاق من نوبته ذكر أنه أوحي إليه ، وتلا على المؤمنين به ما يزعم أنه وحي من ربه (٢) .
ومع ما في هذا الزعم من الكذب المضحك ، والغض المتعمد من منزلة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الرسالية ، فالطريف أن ينبري له المستشرقون أنفسهم ، لا سيما هنري لامنس ، وفون هامر ، وأمثالهما ، للرد عليه ، إلا أن في طليعة هؤلاء جميعاً السير وليم موير ( ١٨١٩ م / ١٩٠٥ م ) (٣) .
لقد فند هذا الباحث المحايد في كتابه ( حياة محمد ) مزاعم الجهلة الحاقدين ، وعقب على ظاهرة الوحي وأعراضها الخارجية بقوله : « وتصوير
__________________
(١) مالك بن نبي ، الظاهرة القرآنية : ١٨٢ .
(٢) ظ : بكري أمين ، التعبير الفني في القرآن : ١٨ .
(٣) Sir William Muir , life of Mohammad , p . ( ١٤ – ٢٩ ) .