أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]
المحقق: محمد مهدي نجف
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٩٢
بِسْمِ اللهِ الرّحمٰنِ الرَّحيم
الحمد لله وحده ،
والصلاة على خير خلقه محمد ، وآله الطيبين . قد سألتم أيدكم الله ، املاء مختصر في أصول الفقه ، يحيط بجميع
_________________________
بسم الله الرحمٰنِ الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة على سيدنا ونبينا ، وعدتنا في شدتنا محمد ، وعلى سيد الاوصياء ، وسند الاولياء ، أمير المؤمنين ، وآلهما الطيبين الطاهرين ، ولا سيما حجة الله على العالمين ، وأمينه في أرضه وسمائه ، الحجة ابن الحسن ، الامام المنتظر ، القائم بالحق . رزقنا الله تعالى ادراك دولته ، وحسن ملازمته ، به وبآبائه عليهمالسلام .
أما
بعد : فيقول الغني بربه عما سواه ، خليل بن الغازي القزويني ، تجاوز الله تعالى عن سياتهما ، وآتاهما كتابهما بيمينهما . ان أكثر اخواننا في الدين من أهل زماننا ، قد رغبوا عن كتب اصول الفقه ، لاصحابنا الامامية رضوان الله عليهم ، زعماً منهم أن بعض كتب المعاصرين ، كالشرح العضدي
أبوابه
، على سبيل الايجاز والاختصار . على ما تقتضيه مذاهبنا ، وتوجبه اصولنا . فان من صنف في هذا الباب ، سلك كل قوم منهم
_________________________
للمختصر الحاجبي (١) ، أسد تحريراً بل أتقن حجة من كتب أصحابنا .
واني كنت برهة من الزمان مشغولا بقرائته ، وبرهة اخرى مشغوفاً بمدارسته وترويجه ، بالتكلفات كما هو عادة المدرسين ، في دفع الاشكالات المتوجهة على الكتب المقروءة عليهم ، وكان توجه الاخوان اليه باعثاً على رواج كثير من أباطيل النواصب وبرهانهم . حتى صار ذلك قادحاً في ايمان بعض من ضعفاء العقول ، بحيث لا يشعر ، وكبرهان النواصب على صدق مقالاتهم .
ثم تنبهت ، فرأيت ان صرف طلب العلم من أصحابنا وفقنا الله تعالى و اياهم للتقوى ، عن مثل هذه الطريقة من أكرم المثوبات . فعلقت هذه الحواشي على كتاب العدة في اصول الفقه ، لشيخ الطائفة الامامية محمد بن الحسن الطوسي ، جزاه الله تعالى جزاء السابقين ، وبسطت بعض الحواشي بحيث يصلح لان يجعل رسالة مفردة ، ولا سيما الحاشية الاولى (٢) . افصاحاً عن بعض سر وجوب الائتمام بأهل البيت عليهمالسلام ، وافضاحاً لمن لم يصف آثارهم عليهم السلام كائناً من كان .
وقصدت في أكثر المباحث التي يقع الخلاف فيها بينه وبين المختصر
_________________________
(۱) منتهى السوؤل والامل ، لجمال الدين ، عثمان بن عمر ، المعروف بابن الحاجب المالكي . المتوفى سنة ٦٤٦ هـ . صنفه أولا ، ثم اختصره ، وهو المعروف اليوم بـ ( مختصر ابن الحاجب ، أو مختصر المنتهى ) .
وشرحه ، عضد الدين ، عبد الرحمان بن أحمد الايجي . المتوفى سنة ٧٥٦ هـ .
(۲) لعل المراد بالحاشية الاولى ، هي الحاشية التي ذكرناها في ذيل هذه المقدمة لانها أوسع الحواشي التي عثرنا عليها لحد الان .
المسلك
الذي اقتضاه اصولهم ، ولم يعهد لاحد من أصحابنا في هذا المعنى ، الا ما ذكره شيخنا أبو عبد الله (۱) رحمه الله ، في
المختصر
_________________________
أو متعلقاته الى رد المخالف ، اما بتقرير واف يظهر به على المنصف اللبيب بطلان المخالف . واما ينقله بقيل ، والتصريح بما يرد عليه .
هذا مع ان الحق الصريح في الاصولين ، والفقه ، والتفسير ، انما هو في الكتب الموثوق بها في أحاديث أهل البيت عليهمالسلام .
فمن وفقه الله تعالى لحسن ملازمتها ، لا عبرة له كثيراً بغيرها من الكتب . ولكني أسففت اذ أسفوا ، وطرت اذ طاروا ، وأعوذ بالله من التورط في الجدال والمراء لغير المغفور في الدين ، والاحتجاج فيه بما لا يطابق كلام أهل الذكر الأئمة من أهل البيت عليهمالسلام .
فقد روي في الكافي ، في باب النهي عن الكلام في الكيفية (٢) ، عن أبي
_________________________
(۱) هو الشيخ المتقدم الوحيد ، أبو عبد الله ، محمد بن محمد بن النعمان بن عبد السلام بن جابر بن نعمان بن سعيد العربي ، العكبري ، البغدادي ، الملقب بـ ( الشيخ المفيد ) ، والمعروف به ( ابن المعلم ) . كان من أجل مشايخ الشيعة ورئيسهم ، واستاذهم . وكل من تأخر عنه استفاد منه . وفضله أشهر من أن يوصف ، في الفقه والكلام و الرواية . أوثق أهل زمانه وأعلمهم . انتهت رئاسة الامامية اليه في وقته .
خرجت له من صاحب الامر صلوات الله عليه وعلى آبائه كتب ثلاث ، في كل سنة كتاباً ، وكان نسخة عنوان الكتاب : للاخ السديد ، والولي الرشيد ، الشيخ المفيد أبي عبد الله ، محمد بن محمد بن النعمان أدام الله اعزازه .
كان مولدة الشريف يوم الحادي عشر من شهر ذي القعدة سنة ست وثلاثين وقيل : ثمان وثلاثين وثلثمائة . وتوفى رحمه الله ، ليلة الجمعة ، لثلاث خلون من شهر رمضان سنة ثلاث عشرة وأربعمائة .
(۲) اصول الکافي ۱ : ۹۲ حدیث ٤ .
الذي له في أصول الفقه ولم يستقصه . وشذ منه أشياء يحتاج الى استدراكها ، وتحريرات غير ما حررها .
وان سيدنا الاجل
المرتضى (١) أدام الله علوه ، وان كثر في
_________________________
عبيدة الحذاء (۲) انه قال : قال لي أبو جعفر عليهالسلام : يا زياد ، اياك والخصومات ، فانها تورث الشك ، وتحبط العمل ، وتردى صاحبها . وعسى أن يتكلم بالشيء لا يغفر له . الحديث .
وفيه في باب الاضطرار الى الحجة ، (۳) عن يونس بن يعقوب (٤) ، عن
_________________________
(١) أبو القاسم ، علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن محمد بن ابراهيم بن الامام موسى بن جعفر عليه السلام . المرتضى ، علم الهدى . حاز من العلوم ما لم يدانه فيه أحد في زمانه ، وسمع من الحديث فأكثر ، وكان متكلماً ، شاعراً ، أديباً ، عظيم المنزلة في العلم والدين والدنيا . قاله النجاشي في رجاله : ۱۹۲ .
كان مولده الشريف في بغداد ، في رجب ، سنة ٣٥٥ هـ . وتوفى رضي الله عنه لخمس بقين من شهر ربيع الاول ، سنة ست وثلاثين وأربعمائة .
(۲) قال النجاشي في رجاله : ۱۲۲ : زياد بن عيسى ، أبو عبيدة الحذاء ، كوفي ، مولى ، ثقة . روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام . . . وقال الحسن بن على بن فضال : ومن أصحاب أبي جعفر ، أبو عبيدة الحذاء ، واسمه زياد . مات في حياة أبي عبد الله عليه السلام . وقال سعد بن عبد الله الاشعري : ومن أصحاب أبي جعفر ، أبو عبيدة ، وهو زياد بن رجاء ، كوفي ثقة صحيح . واسم أبي الرجا منذر ، وقيل : زياد بن أحرم ولم يصح . وذكر الكشي في رجاله : ٣٦٨ : عن الارقط ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : لما دفن أبو عبيدة الحذاء قال : قال : انطلق بنا حتى نصلي على أبي عبيدة ، قال فانطلقنا ، فلما انتهينا الى قبره ، لم يزد على أن دعا له فقال : ( اللهم برد على أبي عبيدة ، اللهم نور له قبره ، اللهم الحقه بنبيه ) .
(۳) اصول الکافي ۱ : ۱۷۱ حدیث ٤ .
(٤) قال النجاشي في رجاله :
۳۱۱ : يونس بن يعقوب بن قيس ، أبو علي
أماليه ، وما يقرأ عليه ، شرح ذلك . فلم يصنف في هذا المعنى شيئاً يرجع اليه .
وقلتم ان هذا فن من
العلم ، لا بد من شدة الاهتمام به ، لان
_________________________
أبي عبد الله عليهالسلام في حديث طويل ، فقلت : جعلت فداك ، اني سمعتك تنهى عن الكلام وتقول : ( ويل لاصحاب الكلام يقولون : هذا ينقاد ، وهذا لا ينقاد . وهذا ينساق وهذا لا ينساق . وهذا نعقله ، وهذا لا نعقله ) . فقال أبو عبد الله عليهالسلام : ( انما قلت : ويل لهم ان تركوا ما أقول ، وذهبوا الى ما يريدون ) . الحديث .
وقد وردت تشديدات في النهي عن أمثال ذلك في الدين ، عن أهل البيت المعصومين عليهمالسلام ، بطرق متعددة ، مذكورة في كتب أصحابنا في الحديث (۱) وتوكلت على الله في الفتق والرتق ، وهو حسبي ونعم الوكيل .
_________________________
الجلاب البجلي الدهني . اختص بأبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام ، وكان يتوكل لابي الحسن ، ومات بالمدينة في أيام الرضا عليه السلام ، فتولى أمره ، وكان حظيا عندهم ، موثقاً . وقال الكشي في رجاله : ٣٨٦ : مات يونس بن يعقوب بالمدينة ، فبعث اليه أبو الحسن الرضا عليه السلام بحنوطه وكفنه وجميع ما يحتاج اليه ، وأمر مواليه ، وموالي أبيه وجده أن يحضروا جنازته ، وقال لهم : ( هذا مولى لابي عبد الله ، وكان يسكن بالعراق ، وقال لهم : احفروا له في البقيع ) .
(۱) انظر اصول الکافي ١ : ٤٢ ـ ٤٨ .
الشريعة كلها مبنية عليه (۱) . ولا يتم العلم بشيء منها من دون احكام اصولها (۲) ومن لم يحكم اصولها فانما يكون حاكياً
_________________________
(۱) قوله ( لان الشريعة كلها مبنية عليه الخ ) . اشارة الى دليل على وجوب شدة الاهتمام بعلم اصول الفقه ، ليتبين به فائدته والحاجة اليه .
وتحرير الدليل : ان علم المكلف بجواز كل ما يصدر عنه ، جوازاً شرعياً وأصلياً بالفعل انما هو بعلمه بجميع الواجبات الشرعية ، الواصلية بالفعل ، و تميزها عما عداها . وعلمه بجميع المحظورات الشرعية الواصلية بالفعل و تميزها عمّا عداها . وهما موقوفان على العلم بقواعد كلية غير معلومة ، الا بشدة الاهتمام بها .
اذ ليس هذان العلمان ضروريين ، لا منحصراً معلوماتهما في جزئيات متناهية . وهذه القواعد ، مسماة باصول الفقه ، فيجب العلم بها وجوباً شرعياً ، واصلياً ، وواقعياً .
فالمراد بـ ( الشريعة ) في كلام المصنف ، الاحكام الشرعية الواصلية .
والمراد بـ ( كلها ) جميع أقسامها ، وجزئياتها ، وانما جعله العلة مع ان العلة بناء الوجوب والحظر ، وتمييز كل منهما عمّا عداه عليه . لأن العلم بهما مع التمييز ، لا يمكن عادة بدون العلم بالباقي .
فمبناهما مبني للجميع . ثم الايجاب الكلي هنا مبني على الغالب ، لان بعض الواجبات والمحظورات معلوم قبل العلم باصول الفقه . اما بعلم الكلام أو بغيره كما يظهر من بيان الحاجة .
(۲) والمراد بـ ( احکام اصولها ) بكسر الهمزة . العلم بالاصول . فان احكام الشيء في الاصل ، اتقانه ومنعه عن احتمال تطرق الفساد . والضمير في اصولها لـ ( الشريعة ) .
ومقلداً ، (۱) ولا يكون عالماً . وهذه منزلة يرغب أهل الفضل عنها .
_________________________
(۱) والمراد بكونه ( حاكياً ومقلداً ) أن يعمل مثل عمل الغير بدون أن يعلم أنه لا يستحق العقاب عليه . و ( أهل الفضل ) أهل الدين والتقوى . والرغبة عن هذه المنزلة أي الحكاية والتقليد ، انما هي لما ذكرنا من المقدمة الضرورية للدين بل للتكليف .
وهذا الدليل يدل على وجوب العلم بمسائل اصول الفقه ، وانه لا يجوز الاكتفاء فيها بالظن . ولذا ذكروا في حدها العلم وجعلوها فناً من العلوم المدونة كما قال المصنف : ( هذا فن من العلم ) وقال : ( من دون احكام اصولها ) ومن لم يحكم اصولها وصرح المصنف وغيره ، بأن المبتغي بهذه الاصول ، العلم . كما سيجيء في آخر الفصل الاول .
لا يقال : كثيراً ما يستدل المصنف وغيره على مسائل الاصول بظاهر القرآن وهو لا يفيد العلم بجواز التأويل ، والتخصيص فيه ، وان بذل الجهد ، ولم يطلع عليه .
وهذا يدل على جواز الاكتفاء فيها بالظن ، كما قيل : من انه لا يشترط القطع في الاصول . لان السلف أثبتوا حجية الاجماع والقياس بالظواهر من غیر نکیر ، ( انتهى ) .
وهذا يعارض دليلكم ، ولذا قيل : ان اشتراط القطع في الاصول وعدمه على كل منهما دلائل واعتراضات مشكلة من الجانبين ، سواء استدل المستدل على عدم اشتراطه ، أو على اشتراطه . فالقوة للمعترض لضعف الادلة ، ( انتهى ) .
لانا
نقول : هذا خلط بين الاحكام الاصولية الواصلية ، والاحكام الاصولية الواقعية وهو كشبهة تورد في المشهور على كون الفقه علماً ، وكون طريقه في الغالب
وأنا مجيبكم الى ما
سألتم عنه ، مستعيناً بالله وحوله وقوته وأسأله
_________________________
ظاهر القرآن ، ونحوه .
وقد بيّنا الفرق بينهما ، بيان ذلك ، ان عمل المكلف بما علم أن وجوبه الواقعي مقتضى ظاهر القرآن ، ولم يجد له تأويلا ، أو تخصيصاً ، مع بذل الجهد في الطلب واجب ، واصلي ثابت وجوبه . سواء كان من موضوعات مسائل الاصول أو الفروع بدليل قطعي ، بل هو من ضروريات الدين .
ولذا لم يذكر المصنف في هذا الكتاب دليلا عليه ، مع بناء بعض الاستدلالات عليه .
فاذا اقتضى ظاهر القرآن الوجوب الواقعي للعمل بخبر الواحد مثلا ، كان قولنا : العمل بخبر الواحد واجب ، بالوجوب الواقعي ، غير مقطوع به ، و غير داخل في مسائل اصول الفقه . وكان قولنا : العمل بخبر الواحد واجب بالوجوب الواصلي مقطوعاً به بعد بذل الجهد ، وفقد معارض للظاهر . وهو من جملة مسائل اصول الفقه .
وقد ذكرنا ان نتيجة المسائل الاصولية ، الاحكام الفقهية الواصلية لا الواقعية ، وقس على ذلك غير الوجوب من الاحكام . وقد ثبت أيضاً بدليل قطعي أنه يجب العمل بخبر الواحد ، الجامع للشروط المقررة في اصول الفقه .
فكان الوجوب الواصلي للعمل بخبر الواحد دلّ على أن الامر يقتضي وجوب المأمور به معلوماً قطعاً ، لكنه لم يثبت عند أكثر الاصوليين قالوا : لا يجوز العمل بخبر الواحد ، في مسائل اصول الفقه . لان غاية ما يفيده الظن ( انتهى ) .
أن يعين على ما يقرب من ثوابه . ويبعد من عقابه .
_________________________
ولا ينافي ذلك ، أن يفيد خبر الواحد في مسائل الفروع العلم ، والاصوب أن محمولات مسائل اصول الفقه ، اقتضاء الاحكام . كما في قولهم : الامر يقتضي وجوب المأمور به . وسيجيىء .
وحينئذ نقول : هذا خلط بين الاقتضاء الواقعي ، والاقتضاء الواصلي ، و المراد بهما ظاهر بالمقايسة ، وعلى هذا يندفع أيضاً ما قيل : على الاستدلال بظاهر القرآن ، على حجية الاجماع ، من أنه لا يصح . لان التمسك بالظاهر انما يثبت بالاجماع ، ولولاه لوجب العمل بالدلائل المانعة من اتباع الظن ، فيكون اثباتاً للاجماع بما لا يثبت حجيته الا به فيصير دوراً .
واذا سلكنا في الاعتراض هذا الطريق ، لا انه اثبات لاصل كلي بدليل ظني ، فلا يجوز . لم يرد علينا القياس ، نقضاً للاحتجاج عليه بالظواهر اذ لا يلزم دور ( انتهى ) .
لان جواز التمسك بظاهر القرآن في مسائل الاصول والفروع ثابت ، ضرورة من الدين أو باجماع خاص معلوم تحققه ، وافادته القطع . وان لم يعلم حجية كل اجماع ، ولا حجية كل اجماع بلغ المجمعون فيه عدد التواتر ، ولا الاجماع المختلق ، الذي ادعاه في دليله المختار عنده على حجية الاجماع من حيث أنه اجماع ، من الاجماع على القطع بتخطئة المخالف ، وتقديمه على القاطع كما سيتضح في فصل ( في ذكر اختلاف الناس في الاجماع ) انشاء الله تعالى .
وقوله
( واذا سلكنا الخ ) فيه مع منافات ظاهرة لما نقلنا عنه من أن المعترض مستظهر من جانبي اشتراط العلم في الاصول وعدمه ، ولما ذكره في جواب
من استدل بالظاهر على وجوب العمل بخبر الواحد ، ومن استدل به على المنع منه ، من أنه ظاهر في الاصل . فلا يجدي أن التمسك بظاهر القرآن قطعي كما ذكرنا دليل مناط التمسك به الظن ، بأنه مراد الله تعالى .
فانه قد يكون العمل واجباً مع ان الحكم الواقعي ليس بمعلوم ، ولا مظنون فليست الادلة المانعة من اتباع الظن مانعة بظاهرها منه كما سنذكره عند قول المصنف : ( وأما القياس والاجتهاد فعندنا انهما ليسا بدليلين ) .
وبعد التنزل عن جميع ذلك نقول : قوله ( ولولاه لوجب العمل بالدلائل المانعة من اتباع الظن ) غير محتاج اليه في الاعتراض لانه يكفي هنا فقد الدليل على جواز التمسك بالظاهر ، وانما ذكره زيادة على المتن للاستظهار ، وهو فاسد .
لان العموم المستفاد من الدلائل المانعة ان كان قطعياً بالنسبة اليها ، مع قطع النظر عن هذا الاجماع كما هو الحق وسنبينه ، فكان تخصيصها بالاجماع ممتنعاً لاستلزامه تعارض القطعين ، وان كان ظنياً فكيف يجب العمل بالدلائل المانعة على تقدير انتفاء هذا الاجماع وهي ظاهرة . ولم يثبت بعد جواز التمسك بالظاهر .
لا يقال : نختار الشق الاول ، نقول : لما جعل الاجماع المذكور التمسك بالظاهر من قبيل القطعيات ، لم يشمله عموم الدلائل المانعة حتى يحتاج الى تخصيص . كما سيذكره المصنف في ( فصل في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله ) .
أو نختار الشق الثاني ، ونقول :
أولا
: ان ما ذكرتم ، انما يتم لو كان المقصود ان يثبت بالظاهر جواز التمسك به . اما اذا كان المقصود أن يثبت بالظاهر حظر التمسك به كما فيما نحن
فيه ، فلا يتم ، لان حاصل الكلام حينئذ يرجع الى قياس قطعي جامع لشروط الانتاج بأن يقال : لو جاز التمسك بشيء من الظواهر في مسائل اصول الفقه ، لجاز التمسك بهذه الدلائل المانعة فيها ، لانها من أقوى الظواهر . ولو جاز التمسك بهذه الدلائل لم يجز التمسك بشيء من الظواهر . ينتج لو جاز التمسك بشيء من الظواهر ، لم يجز التمسك بشيء من الظواهر ، ومعلوم ان ما يستلزم نقيضه باطل .
وثانياً أنه يجوز أن تكون الدلائل ظنية في أنفسها ، وتصير بانضمام انتفاء ذلك الاجماع قطعية .
لانا نقول في الجواب عن الاول : انه ان اريد به ان عموم الدلائل ، انما هو بالنسبة الى ظني ، ليس جواز التمسك به قطعياً ، فهو تعسف كما يظهر من تتبع الدلائل .
وان اريد به أن قطعية جواز التمسك بالظاهر ، بجعل الحكم المدلول للظاهر قطعياً ، فهو خلط للحكم الواصلي بالواقعي ، كما سنحققه ثمة انشاء الله تعالى .
على ان هذا غير مراد ، وليس نظره اليه . لانه حينئذ يرجع الاعتراض المرضي عنده ، الى الغير المرضي عنده . وأيضاً يصير دفع الاعتراض الغير المرضي عنده ، بما ذكره من النقض بالقياس ، للاحتجاج عليه بالظواهر ظاهر البطلان .
أيضاً قد صرح غير مرة موافقاً للماتن ، في مباحث خبر الواحد بأن هذه الدلائل ليست قطعية ، وخولفت للاجماع المخصص لها أحياناً .
وفي الجواب عن أول الثاني :
أولا : انا نعود فنقول : ان هذا القياس وان كان مفيداً للقطع بالعموم ، فتخصيصه بالاجماع مستلزم لتعارض القطعيين .
قال المحقق الحلي (۱) في رسالته في أصول الفقه (۲) في بحث خبر الواحد ، في نظير هذا المقام : « لا يقال : لولا الاجماع لقلنا به لانا نقول : حيث منع الاجماع من اطراد هذه الحجة دل على بطلانها لان الدليل العقلي لا يختلف بحسب مظانة (۳) ( انتهى ) .
وذكر مثل ذلك في بحث القياس أيضاً . والا فلم يثبت بعد جواز التمسك بالظاهر ، وان عدتم عدنا .
وفيه انه خلط للحكم الواصلي بالواقعي ، لانه يجوز في البرهان العقلي على الحكم الواصلي ، اخراج بعض موارده ، بل كلها عن كونه مورداً له ببرهان آخر ، بخلاف البرهان على الحكم الواقعي ، وما نحن فيه من الاول .
وثانياً : لا نسلم كون الدلائل المانعة من اتباع الظن من أقوى الظواهر في المنع من العمل بالظاهر والذي مر قبل التنزل منع أصل الظهور .
وثالثاً : لو سلم فلا نسلم أنه يستلزم صدق الشرطية الاولى ، لان المتنازع فيه ظاهر ، لم يعارضه ما يساويه ، أو ما يكون أقوى منه . وهذه الدلائل قد عارضها استلزامها للنقيض ، لا يقال : لازمها أعم من النقيض فلتخصص بما عدا النقيض ويكفي فيما نحن فيه .
_________________________
(١) الشيخ الاجل الاعظم ، شيخ الفقهاء والمحققين ، أبو القاسم ، نجم الدين ، جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الحلي . قال تلميذه ابن داود في وصفه : المحقق المدقق الامام العلامة ، واحد عصره ، كان ألسن أهل زمانه وأقولهم بالحجة ، وأسرعهم استحضاراً .
كان مولده الشريف سنة اثنين وستمائة ، وتوفى رحمه الله تعالى في صبيحة يوم الخميس ثالث عشر ربيع الاخر سنة ست وسبعين وستمائة .
(۲) الموسومة : بمعارج الاصول . وقد طبعت في ايران على الحجر .
(۳) معارج الاصول : ۸۳ ( الفصل الثاني ) المسألة الثالثة .
فانا نقرر القياس هكذا : لو جاز التمسك بأمثال هذا الظاهر ، لجاز التمسك بالدلائل المانعة من التمسك بالظاهر فيما عداها من الظواهر ، لان هذه الدلائل من أقوى الظواهر فيه . ولو جاز التمسك بالدلائل المانعة فيه ، لم يجز التمسك بأمثال هذا الظاهر .
لانا نقول : حينئذ يكفي لنا في منع لزوم صدق الشرطية الاولى الفرق بانه لا يحتاج أمثال هذا الظاهر الى التأويل ويحتاج الدلائل المانعة اليه .
وعن ثاني الثاني : أولا : ان الاجماع كاشف عن مستند اما دليل أو امارة كشف الاجماع عن أنه لاخطاء فيها .
فلو ارتفع الاجماع لم يرتفع مستنده فلا تصير الدلائل قطعية ، اللهم الا أن يراد بارتفاع الاجماع انتفائه مع انتفاء ما يصلح لان يكون مستنداً له ، ويلتزم أن القائل مانع في الاستظهار أيضاً فيكفيه احتمال القطعية حينئذ .
وثانياً : أن لهذه الدلائل مدلولا ودلالة ، والاجماع مقولها من حيث الدلالة ومضعّف لها من حيث المدلول . والقطعية والظنية متعلقان بها من حيث الدلالة فبارتفاع الاجماع لا يتقوى الدلالة حتى يصير قطعياً .
ويمكن دفع ما قبل التنزل سوى منافات ظاهر قوله ( واذا سلكنا ) لما نقل عنه بانا نعلم من الخارج أن مقصود المستدل التمسك بالظاهر في الحكم بان العمل بالاجماع واجب بالوجوب الواقعي ، ليتوصل به الى الحكم بالاحكام الواقعية في المسائل الفقهية بالاجتهاد . لكن يرد على القائل ، وحينئذ ان الاجماع لم ينعقد على جواز التمسك بالظاهر فيما ذكرتم وسنبيّنه عند قول المصنف ( وأما القياس والاجتهاد فعندنا انهما ليسا بدليلين ) ونقول هنا لو تحقق اجماع لبلغ الينا مستنده .
قال : صاحب الفوائد المدنية رحمه الله تعالى : (۱) : وأقول بعد نطق كثيرة من الايات الشريفة بالمنع عن العمل بالظن في نفس الاحكام الالهية ، لو ظهر نص من النبي صلىاللهعليهوآله مخصص لتلك الايات بالاصول ، لتواتر الينا ، بل الى انقراض أهل الدنيا لتوفر الدواعي على أخذ مثل ذلك ، وعلى ضبطه ونشره و لم يظهر باتفاق المتخاصمين ، فعلم انتفائه في الواقع ( انتهى ) .
ويمكن أيضاً دفع ما بعد التنزل بان قول القائل : ولولاه لوجب العمل بالدلائل المانعة من اتباع الظن ، محتاج اليه في الاعتراض لانه لدفع أن يتوهم انه لا حاجة في التمسك بالظاهر الى الاجماع ، لانه مركوز في العقول انه يجوز عقلا ، الحكم بأي شيء كان بسبب ما يفيد الظن به . كما هو المتعارف في المخاطبات . كقولنا زيد حي في بلد كذا ، ونحو ذلك ، ما لم يدل دليل يساويه .
أو يكون أقوى على المنع منه نظير ما قالوا : من أن الاصل في بعض الاشياء الاباحة ، ما لم يرد شرع على المنع منه .
فنقول : نختار الشق الثاني ، ونقول : قولكم ولم يثبت بعد جواز التمسك بالظاهر ، باطل لانه وان لم يثبت شرعاً ، لكنه ثابت عقلا . والمقصود بالعمل بالدلائل المانعة ، ترك الحكم بالظن ، لا الحكم بحظر الحكم بالظن ، حتى يتوجه أن هذه الدلائل ضعيفة ، لانها قد عارضها استلزامها للنقيض .
لكن يرد على القائل . حينئذ ان هذه الدلائل قطعية كما سننبه عند قول المصنف ( وأما القياس والاجتهاد . الى آخره ) .
_________________________
(١) الفوائد المدنية في الرد على القائل بالاجتهاد والتقليد في الاحكام الالهية للمولى المحدث ، محمد أمين بن محمد شريف الاسترابادى الاخباري المتوفى بمكة في سنة ( ۱۰۳۳هـ ) وقيل : سنة ( ۱۰۳۰ ) . الذريعة ١٦ : ٣٥٨ .
وأبدأ في أول الكتاب فصلا يتضمن ماهية اصول الفقه وانقسامها وكيفية ترتيب أبوابها (۱) وتعلق بعضها ببعض ، حتى ان الناظر اذا نظر فيه وقف على الغرض المقصود بالكتاب (۲)
_________________________
واما الاعتراض على المستدل بأن كل من قال بحجية الاجماع ، قائل بأنه حجة قطعية . فالتمسك بالظاهر فيه ، يستلزم جعل الظاهر دليلا على أقوى منه فيمكن الدفع ، لان له أن يقول : انما استدل به على أصل الحجية ، لا على القطعية أيضاً .
(۱) قوله ( أبدأ في أول الكتاب فصلا يتضمن ماهية اصول الفقه ، وانقسامها وكيفية ترتيب أبوابها ) البدء ، كالمنع : الانشاء ، والاحداث . وذكر في أول الكتاب ، للاشعار بأن كلا من الفصول التي بعده أيضاً بدوي ، ولكنه في وسط الكتاب ، أو في آخره . فيمكن أن يكون التشبيه في قوله تعالى في سورة الانبياء : « كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ » (۳) للدلالة على ان هذه الاعادة بعد فناء الدنيا بأسرها ، كما في نهج البلاغة ، في خطبة أولها : « ما وحده من كيّفه » قوله عليهالسلام : وان الله سبحانه يعود بعد فناء الدنيا وحده لا شيء معه . كما كان قبل ابتدائها الى قوله : « ثم يعيدها بعد الفناءِ » . (۴) وللرد على الفلاسفة الزنادقة في قولهم اعادة المعدوم بعينه محال .
(۲) قوله ( وتعلق بعضها ببعض حتى ان الناظر اذا نظر فيه ، وقف على الغرض المقصود بالكتاب ) أي نسبة بعضها الى بعض بالتقديم والتأخير . وهو عطف تفسير لترتيب أبوابها .
_________________________
(٣) الانبياء : ١٠٤ .
(٤) نهج البلاغة ، خطبة رقم ١٨٦ ( في التوحيد ) ص ۲۷۲ .
وتبين من أوله الى آخره . والله تعالى الموفق للصواب (۱) .
فصل
في ماهية اصول الفقه وانقسامها وكيفية ترتيب أبوابها (٢)
اصول الفقه هي أدلة الفقه (۳) .
_________________________
(۱) قوله ( وتبين من أوله الى آخره والله تعالى الموفق للصواب ) التبين عرفاً : العلم الحادث عن دليل . كما سيجيء في ( فصل في ذكر حقيقة البيان ) ومفعوله محذوف أي : والضمير المحذوف للكتاب ، أو للغرض المقصود منه .
(۲) قوله قدس سره ( فصل في ماهية اصول الفقه ، وانقسامها ، وكيفية ترتيب أبوابها ) أي حدها اللفظي مضافة ولقباً . ولنمهد لتوضيح كلام المصنف في الحدين .
مقدمه : هي أنه معلوم من الخارج ، أن لفظ اصول الفقه منقول من معنى اضافي الى اللقبية . المسائل موضوعها ذلك المعنى الاضافي . فيجب تعيين ذلك المعنى الاضافي ، وبيان القيد المعتبر معه ، في المعنى اللقبي ، حتى يتضح المعنى اللقبي حق الاتضاح .
(۳) قوله ( اصول الفقه هي أدلة الفقه ) هذا حد اصول الفقه ، باعتبار المعنى الاضافي ، المنقول عنه .
والاصول
: جمع أصل ، وهو ما يبنى عليه شيء ، واليه يرجع الراجح ، والسابق الزماني ، والذاتي ، والقاعدة الكلية ، والدليل ، وغير ذلك . لانها أقسامه ، واذا أضيف الى العلوم أو المسائل ، كما فيما نحن فيه ، فالمتبادر منه
عرفاً الدليل .
والفقه لغة : الفهم (١) أي العلم المفضى الى العمل بمقتضاه ، فالتفقه التفهم أي أخذ الفقه من الفقيه . ومنه قوله تعالى في سورة التوبة : « فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ » (۲) ضمير منهم ، وضمير لعلهم يحذرون . لمنافقي الاعراب المذكورين سابقاً بقوله : « الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ » (۳) .
الحدود : اللوازم والمرافق ، وما أنزل الله على رسوله ، الايات البينات المحكمات ، الناهية عن اتباع الظن ، في نفس أحكام الله تعالى ، وعن الاختلاف فيها عن ظن ، المشتملة على الوعيد بالنار على مخالفتها .
فحدود ما أنزل الله على رسوله ، المسائل التي لا يمكن العمل بها الا مع العلم بها ، كوجوب سؤال أهل الذكر في كل مجهول احتيج اليه .
والفقه اصطلاحاً : الفهم في الدين . أي فيما أنزل الله على رسوله ، وفي حدوده . فالتفقه اصطلاحاً : التفهم في الدين ، هذا في المصدر السابق . وأما بعد ذلك ، فالفقه اصطلاحاً : مسائل تحمل فيها الاحكام الشرعية العملية ، على غير التصديق . والذي يكشف عن حقيقة هذا الحد ، ان محمولات المسائل ، اما من قبيل الاحكام ، كالوجوب والندب والاباحة ، وغير ذلك من الاقسام . واما من غيره ، كالتماثل والاختلاف .
والاحكام اما مأخوذة من حيث انها متلقات من الشارع ، وهي الاحكام الشرعية . واما غير مأخوذة من هذه الحيثية ، وهي الاحكام العقلية ، المحمولة
_________________________
(١) النهاية ٣ : ٤٦٥ ، ولسان العرب ٣ : ٥٢٢ مادة ( فقه ) .
(٢) التوبة : ۱۲۲ .
(۳) التوبة : ٩٧ .
في مسائل فن الاخلاق ، والاداب ، والصنايع .
والاحكام الشرعية اما عملية ، يقصد بحملها على موضوعها الكلي ، أولا معرفة أحكام الاعمال الشخصية ، ليعمل على وفقها . نحو قولنا : حج البيت واجب على من استطاع اليه سبيلا . فان المقصود به ( أولا ) معرفة حكم حج زيد في سنة كذا مثلا ، وعمله به .
واما اعتقادية ، يقصد بحملها أولا معرفة أحكام الاعمال الكلية ، أي الاحكام العملية المذكورة سابقاً . فمعرفة أحكام الاعمال الشخصية مقصودة بها .
( ثانياً ) وبواسطة ، وهي محمولات مسائل اصول الفقه . نحو قولنا : كل مأمور به واجب ، بشرط عدم الصارف . فان المقصود به أولا اعتقاد وجوب الصلاة بشرط كذا ، ثم بواسطته معرفة وجوب صلاة زيد في وقت كذا ، وعمله بها .
والتحقيق أن محمولات مسائل أصول الفقه هي اقتضاء الاحكام ، كما في قولهم : الامر يقتضي وجوب المأمور به ، وما مر من المثال ، تعبير عن ذلك ينبغي أن يرجع اليه .
والاحكام العملية ، اما محمولة على التصديق ، بمعنى المطوع القلبي الذي يعبّر عنه في الفارسية : ( بگرویدن ) و ( گردن نهادن ) نحو وجوب التصديق بالله تعالى ، وبالنبي والامام عليهماالسلام . مما لا يثاب تار كه على عبادة أصلا ، لان ترك تصديق واجب ، يستلزم عدم سوء سيئة ، وعدم سرور حسنة وهو كفر ، وهي أحكام اصول الدين .
واما محمولة على غير التصديق ، وهي الاحكام الفقهية . واشتقاق الفقيه من الفقه ، بهذا المعنى ، من قبيل النسبة ، كالتامر ، واللابن ، أي من علم قدراً صالحاً من الفقه .