السيّد أحمد الحسيني الخوانساري [ الصفائي ]
الموضوع : دليل المؤلفات
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مهر
الطبعة: ١
الصفحات: ٥١٢
بسم الله الرحمن الرحيم
و به ثقتي و اعتمادي
الحمدلله العليم الحكيم الذي خلق الإنسان ، و علّمه البيان ، وأرشده طريق الصواب والرضوان ، و جعل العالم منهم هادياً و قائداً و داعياً إلى الله المنّان .
و الصلاة و السلام على رسوله المبعوث إلى الإنس و الجان ، سيد بني عدنان ، و على أوصيائه الاثني عشر اُمناء الرحمن ، و خلفاء الله في جميع العوالم حتى ينتهي إلى عالم الإنسان ، ما دامت الأقلام جارية على وجوه الصحف بحمده و شكره و مجده و قدسه بأتم بيان و أكمل برهان .
و بعد : فقد كنت كثيراً ما يشوقني قلبي و تبعثي نفسي على جمع مصنّفات علماء الشيعة ، خاصّة الإثني عشرية منهم ، إحياءً لمآثرهم الخالدة ، و إبقاءً لآثارهم العائدة ، الدارسة في طول الأزمان و بُعد الأعصار ، و في ذلك ـ حسب ما اُلقي في روعي ـ فوائد جمّة و عوائد مهّمة لا تخفى على أرباب الفتوّة و المروّة ، و أرباب الدراية و المعرفة ، و من أقلّ فوائده اتعاظ المعتبر ، و انتباه المتفكر ، و فيه هدى وعظة و ذكرى للمتقين (١) .
__________________
(١) في وصية أميرالمؤمنين عليهالسلام لولده الحسن عليهالسلام : « إني و إن لم أكن قد عمّرت
فإنّهم كانوا من ابناء الزمان ، و عاشورا في هذا الدهر الخوّان ، و سلكوا مسالك الرحمن ، وافتتنوا بحوادث الأيام و نوائب الدوران ، و أصبحوا و أمسوا بعبادة ربّهم مدّة حياتهم ، ثم صاروا رهائن القبور ، و ضجائع التراب و الصخور ، فأصبحوا بنعمة إخواناً على سرر متقابلين ، و لم يبق لهم في هذه الحياة الدنيوية إلّا تلك الآثار المطهرة ، و المآثر المنوّرة ، فطوبي لهم و حسن مآب .
و طال تفكّري في هذا المرام أُقدم رِجلاً و أُؤخّر اُخرى ، لعلمي ببضاعتي المزجاة ، و أنّى لي و الفوز بذلك المقصد العالي من دون سُلّم و مرقاة ، مع فقد الأسباب و الكتب المعينة في هذا الباب ، و عدم الناصر و المعين ، و بُعد داري و بلدي من العلماء العالمين المبرزين في ذلك المضمار ، لأستفيد من بركاتهم و إفاداتهم ما هو كالمصباح في تلك الليلة الظماء .
فتوكّلت على الله تعالى و استخرت و تفاءلت بكلامه و كتابه العزيز ، حيث الآتي بهذه الآية الكريمة : ( وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ ) (١) في أول ما يرى ، فرأيت أنّ هذه الآية كأنّه وحي أوحي إلّي من السماء .
و شرعت في المقصود ، بعناية ربّي المقصود المعبود ، فأقول :
أعتذر إلى إخواني المؤمنين أن الإطلاع على أحوال العلماء و مصنّفاتهم أمر عسير ، لا يتيسر لكلّ احد فضلاً من هذا العبد الفقير الحقير ، لانتشارهم في كلّ قرن في مشارق الأرض و مغاربها ، و أقاصي البلاد و نواحيها ، و كثرة
__________________
عمر من كان قبلي ، فقد نظرت في أعمارهم و فكّرت في أخبارهم ، و سرت في آثارهم ، حتى عدت كأحدهم بل كأني بما انتهى إليّ من اُمورهم قد عمرت مع أولهم إلى آخرهم ، فعرفت صفو ذلك من كدره ، و نفعه من ضرره » إلى آخر الخبر . (منه قده) .
نهج البلاغه ٣ : ٤٦ خطبة ٣١ ، و فيه : نظرت في أعمالهم .
(١) طه ٢٠ : ١٣ .
آثارهم و كتبهم ، بحيث يعد ذلك من المحلات العادية بل العقلية ، فلا يبادر أحد إلى انتقادي و ملامتي في قصوري و تقصيري في مرحلة التتبّع و الإستقصاء ، و العفو منهم مأمول ، مع ابتلائي بكثرة الهموم ، و قلّة الحفظ ، و كثرة السهو .
يصدقني في ذلك القول : ما أفاده الشيخ في أول رجاله بما يفيد ذلك الاعتذار ، مع أنه من أهل القرن الرابع (١) ، و لم تكن دائرة المعارف و المؤلّفات بتلك السعة ، فكيف بهذه القرون المتتالية ، و تأليف الكتب الغير المتناهية ، التي لايعلم عدتها إلّا الله العلام الغيوب .
أما سمعت ما ذكر في مطاوي الكتب : إنّ في خزانة كتب المرتضى كانت ثمانين ألف مجلّداً ، و كتب اليافعي بلغت إلى مائة ألف و أربعين ألف مجلد ، و إنّ كتب الصاحب ابن عباد تحتاج إلى سبعمائة بعير لحملها .
و في كتاب نخب المناقب لحسين بن جبير ، أن حين تأليفه هذا الكتاب كان حاضراً عنده ألف كتاب من كتب الاُصول .
و في كتاب المناقب نقلًا عن أبي المعالي الجويني أنه يتعجب و يقول : شاهدت مجلداً ببغداد في يد صحاف ، فيه روايات غديرخم مكتوباً عليه : المجلدة الثامنة والعشرون من طرق قوله : من كنت مولاه فعلي مولاه ، و يتلوه في المجلدة التاسعة والعشرين .
و حكي عن قطب الروندي قال : سمعت بالحجاز من بعض العلماء يقول : رأيت بمصر مجموعاً من كلام علي عليهالسلام في نيف و عشرين مجلداً (٢) .
__________________
(١) لايصطلح عليه أنه من أهل القرن الرابع ، بل هو من أهل القرن الخامس باعتبار أن ولادته سنة ٣٨٥ هـ ، و وفاته سنة ٤٦٠ هـ .
(٢) الصراط المستقيم : ١ / ٢٢٢ .
فأين هذه الكتب ، و أين علومها و عالموها ، و مع ذلك كيف يمكن الإحاطة و الإحصاء ؟!
و يؤيد ـ أيضاً ـ هذا المقال ما حكاه بعض الأعلام عن خط السيى صفي الدين بن معد الموسوي بالفارسية ما لفظه : عدد رجال و رواتي كه در فهرست نجاشي نقل شىه هزار و دويست و شصت و پنج نفر است ، كه أز جملة آنها دوزنست كه هريك أز دوزنرا كتاب مؤلفى است ، و عدد كتابها ئيكه أز أنها ىر اين فهرس اسم برده شده چهار هزار و ششصد و شصت و يك است ، و حال آنكه أز آنكسانيكه در اين فهرس اسم برده شده است كسى است كه كتاب و تأليفى نداشته ة نيست ، اين مؤلفات و تصانيف كه أنها را نجاشي ذكر كرده است در كتاب خود تمام تصانيف أشخاص صاحب تأليف مذكور در آنكتاب ، بلكه هر قدر كه نجاشي أز كتابهاي آنها دانسته در فهرس اسم برده .
و در ميان آن جماعت كسي هست كه تقريباً مؤلفات اُو پانصد جلد ميرسد ، و مع ذلك نجاشي ده تاى أز آنمؤلفاترا اسم برده و اين نسبت مگر آنكه بهمان قدر كه در خزانه كتب اُو ياراويانى كه بحجة او گفته اند واقف شده ، و مؤلفين أز إماميه منحصر باين أشخاص كه در فهرس نام برده شده نيست ، بلكه نسبت إيشان با جميع مؤلفين و مصنفين أز طائفه إماميه نيست مگر مثل نسبه قطره بدريا ، و نسبه لمعه أز فجر ، و نسبه شظيه أز قلم ، و نسبه يكنفر باطائفه أز عرب و عجم ، و أكر كسي احصاء مشار إليهم و عدد ضبط آنهارا و آنجه را كه تأليف نموده اند در اُمور دنيا و دين و مصالح آخرت و اولى قصد كند مثل كسي است كه رمال را قاصد شمردن باشد ، و يا جبال را طالب سنجيدن ، و يا تراب را شائق كيل كردن ، و يا أز سراب مائل آب أشاميدن ، و خدا توفيق دهند است مرانچه را كه موهبت فرموده است أز جنس هداية و أز جمله چیزهائيكه ميخندد بآن ثكلى قول بعضى أز خصوم طائفه إماميه است كه گفته : اين طائفه را تصنيف و تأليفي نيست مگرمصباح شيخ طوسى و أدعيه
چندی که آنهارا أز حضرت إمام جعفر صادق عليهالسلام روايت كرده اند ، و فيما ذكرناه كفاية للمنصف القابل ، و العذر عنذ كرام الناس مقبول .
مقدمة : قال الأمير الكبير و الخبير البصير الشيد الحكيم الداماد ـ قدّس سرّه القدسي ـ في مقدمة تعليقته على الصحيفة الكاملة ، نقلاً عن معالم العلماء لابن شهر آشوب ، للاستشهاد على أنّ الصحيفة الكريمة الإلهية السجادية من جملة المصنفات المعلومات النسبة إلى مؤلفها بالنقل المتواتر عن أشياخ الطائفة الحقة المحقة ، و لكل منهم ـ قدس الله أسرارهم ـ طريق مخصوص إليها بمشيخته المعنية ، كما أن الأمر على هذا النهج في سائر المتواترات ، متعقباً ذلك المدعى بما هو كالنتيجة له ، بأن ذلك هو الغرض من ذكر الأسانيد في المتواترات لا إثباتها من تلك الطرق ، كما في المظنونات الثابتات من طرق أخبار الآحاد بهذه العبارة :
قال ابن شهر آشوب ـ رحمة الله تعالى ـ في معالم العلماء : قال الغزالي : أول كتاب صنف في الإسلام كتاب صنفه ابن جريج في الآثار و حروف التفاسير عن مجاهد و عطا بمكة ، ثم كتاب معمر بن راشد الصنعاني باليمن ، ثم كتاب الموطأ بالمدينة لمالك بن أنس ، ثم جامع سفيان الثوري . بل الصحيح أن أول من صنف فيه أميرالمؤمنين عليهالسلام جمع كتاب الله جلّ جلاله ، ثم سلمان الفارسي رضي الله عنه ، ثم أبوذر الغفاري رحمة الله عليه ، ثم أصبغ بن نباتة ، ثم عبيدالله بن أبي رافع ، ثم الصحيفة الكاملة عن زين العابدين عليهالسلام (١) . إنتهى ما هو المقصود من نقله .
__________________
(١) معالم العلماء : ٢ .
كشف الظنون : ١ / ٣٤ ، و اعلم أنه اختلف في أول من صنف في الإسلام ، فقيل : الإمام عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المتوفى سنة ١٥٥ ، و قيل : أبو النضر سعيد بن أبي عروبة
و في ترجمة عبيدالله بن علي بن أبي شعبة الحلبي ، نقلاً عن خلاصة العلّامة ، بعد ذكر تجليل آل شعبة و الحكم بوثاقتهم جميعاً ، ما هذا لفظه : و كان عبيد الله كبيرهم و وجههم ، و صنف الكتاب المنسوب إليه ، و عرض على الصادق عليهالسلام و صححه و استحمنه ، و قال عند قراءته : ليس لهؤلاء في الفقه مثله ، و هو أول كتاب صنّفه الشيعة (١) . و في رجال الميرزا بعد ترجمته نقلاً عن كتاب البرقي : و كان متجره إلى حلب فغلب عليه هذا اللقب ، مولى ، ثقة ، صحيح ، له كتاب و هو أول ما صنفه الشيعة (٢) ، فليتفطن (٣) .
و نحن ـ بتوفيق الله و منّه ـ نبدأ بذكر القرآن العظيم ، تيمناً و تبركاً بتقدمته و مستضيئاً بنوره وضوئه ، تبعاً لكلام هذا المحدّث المتقدم العالي كلمته ، فإنه على ذلك هو أول كتاب جمعه مولانا و مولى المؤمنين و حجة الله على الخلق أجمعين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه الصلاة و السلام .
فنقول : إن المستفاد من آثار أهل بيت العصمة في غير خبر ، أن القرآن المنزل على خاتم النبيين صلىاللهعليهوآله أجمعين لم يكن مجموعاً في دفتر و لا كتاب حسب ما أنزل الله تعالى على نبيه ، و لمّا أيتم الله
__________________
المتوفى سنة ١٥٦ ، ذكرهما الخطيب البغدادي ، و قيل : ربيع بن صبيح المتوفى سنة ١٦٠ ، قاله : أبو محمّد الرامهرمزي ، ثم صنّف سفيان بن عيينة و مالك بن أنس بالمدينة ، و عبد الله بم وهب بمصر ، و معمر و عبد الرزاق باليمن ، و سفيان الثوري و محمّد بن فضيل بن غزوان بالكوفة ، و حمّاد بن سلمة و روح بن عبادة بالبصرة ، و هشيم بواسط ، و عبدالله بن المبارك بخراسان ، و كان مطمع نظرهم في التدوين ضبط معاقد القرآن و الحديث و معانيهما ، ثم دونوا فيما هو كالوسيلة إليهما . (منه قده) .
أنظر كذلك التهذيب ٦ : ٣٥٧ .
(١) رجال العلّامة ١١٢ / ٢ .
(٢) رجال البرقي : ٢٣ .
(٣) منهاج المقال : ٢١٨ .
تعالي الاٌمة بفقد الرسول ، و وقعت الداهية العظمى و المصيبة الكبرى من غصب الخلافة ممن كان أحق بها بنصّ رسوله ، جمع أمير المؤمنين كتال الله تعالى على حسب ما أُنزل ، و وضعه في أطراف ردائه و جاء إلى المسجد و دعا الناس إليه ، و قال الثاني من الخلفاء : حسبنا كتاب الله الذي بين أيدينا ، فقال عليهالسلام : لن تروه إلى أن يظهر الله القائم من آل محمد ، و يملأ الله الأرض ـ بوجوده المسعود و طلعته الرشيدة ـ قسطاً و عدلًا بعد ما ملئت ظلماً وجوراً .
و هذا أمر واضح لا ريب فيه ، و لايحتاج إلى بينة و برهان و أخبار الفريقين بذلك شاهدة مستفيضة لا نسوّد الأوراق بذكرها ، و من أرادها فليطلبها من مظانّها ، بل نشرع في ذكر ما هو الأهم ، و هو ذكر بعض الأخبار التي دلّت على فضل القرآن و فضل قراءته و تعلمه ، و فضل حامله ، و فضل البيت الّذي هو فيه ، و أنّ به ظهراً و بطناً ، وحدّاً و مطلعاً ، و أن الأئمة المسلمين هم العالمون بحقائقه .
و هذا و إن كان أمراً مفروغاً عنه بين علماء الإسلام ، و صنفوا مع ذلك كتباً عديدة و تفاسير شتّى ، أجزل الله تعالى برّهم و أسنى الله ذكرهم ، و نحن نقتفي آثارهم و نتبع أطوارهم ، لعلّ الله يتفضل عليّ بما هو خير لي في منقلبي و مثواي و دنياي و أخراي ، و لئلا تخلو هذه الصحيفة الجامعة من أخبارهم و آثارهم ، فإن علوم الأولين و الآخرين نقتبسة من مشكاة أنوارهم ، و صدورهم منشرحة بذكر أقوالهم و أفعالهم و أطوارهم .
و قد روى أقدم المحدثين و أنور الطالعين شيخ مشايخ علماء الأعلام في جامع الكافي في كتاب فضل القرآن ، بإسناده عن الصادق عليهالسلام ، عن أبيه ، عن آبائه في دار هدنة ، و أنتم على ظهر سفر ، و السير بكم سريع ، و قد رأيتم الليل و النهار و الشمس و القمر يبليان كل جديد ، و يقربان كب بعيد ،
و يأتيان بكل موعود فأعدوا الجهاز لبعد المجاز . قال : فقام المقداد بن الأسود فقال : يا رسول الله و ما دار الهدنة ؟
فقال : دار بلاغ و انقطاع ، فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم ، فعليكم بالقرآن ، فإنه شافع مشفّع ، و ما حل مصدّق ، و من جعله أمامه قاده إلى الجنة ، و من جعله خلفه ساقه إلى النار ، و هو الدليل و يدل على خير سبيل ، و هو كتاب فيه تفصيل و بيان و تحصيل ، و هو الفصل ليس بالهزل ، و له ظهر و بطن ، فظاهره حكم و باطنه علم ، ظاهره أنيق و باطنه عميق ، له تخوم و على تخومه تخوم (١) ، لا تحصى عجائبه ، و لا تبلى غرائبه ، فيه مصابيح الهدى و منار الحكمة ، و دليل على المعرفة لمن عرف به (٢) ، فليجل جال بصره ، و ليبلغ الصفة نظره ، ينج من عطب و يخلص من نشب ، فإنّ التفكر حياة قلب البصير ، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور ، فعليكم بحسن التخلص و قلّة التربص » (٣) إنتهى .
و هذا الخبر الشريف عظة لمن اتعظ ، و عبرة لمن اعتبر ، اللّهم أيقظنا من نوم الغفلة.
و في تفسير الإِمام الهمّام أبي محمد الزكي العسكري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « إن هذا القرآن هو النور المبين ، و الحبل المتين ، و العروة الوثقى ، و الدرجة العليا ، و الشفاء الأشفى ، و الفضيلة الكبرى ، و السعادة العظمى ، من استضاء به نوّره الله ، و من عقد به أُموره عصمه الله ، و من تمسك به أنقذه الله ، و من لم يفارق أحكامه رفعه الله ، و من استشفى به شفاه الله ، و من آثره على ما سواه هداه الله ، و من طلب
__________________
(١) في المصدر : له نجوم و على نجومه نجوم .
(٢) في المصدر : لمن عرف الصفة .
(٣) الكافي ٢ : ٤٣٨ / ٢ .
الهدى في غيره أضلّه الله ، و من جلعه شعاره و دثاره أسعد الله ، و من جعله إمامه الذي يقتدي به و معوّله الّذي ينتهي إليه أدّاه الله إلى جنات النعيم و العيش السليم » (١) .
و في الكافي بإسناده عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « القرآن عهد الله إلى خلقه ، فقد ينبغي للمرء أن ينظر في عهده ، و أن يقرأ منه في كل يوم خمسين آية » (٢) .
و فيه ـ أيضاً بإسناده عن علي بن الحسين يقول : « آيات القرآن خزائن ، كلّما فتحت خزانة ينبغي لك أن تنظر ما فيها » (٣) .
و عنه بسنده عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « ينبغي للمؤمن أن لا يموت حتى يتعلم القرآن أو أن يكون في تعليمه » (٤) ، بل ورد في خبر آخر : « إنّ لمتعلّمه بالمشقة أجران » (٥) .
و عنه بسنده عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « من قرأ القرآن و هو شاب مؤمن اختلط القرآن بلحمه و دمه ، و جعله الله عزوجل مع السفرة الكرام البررة ، و كان القرآن حجيزاً عنه يوم القيامة ، يقول : يا رب إنّ كل عامل أصاب (٦) أجر عمله غير عاملي فبلغ به أكرم عطاءك ، قال : فيكسوه الله العزيز الجبار حلتين من حلل الجنة ، يوضع على رأسه تاج الكرامة ، ثم يقال له : هل أرضيناك فيه ؟ فيقول القرآن : يا رب قد كنت أرغب له فيها ما هو (٧)
__________________
(١) تفسير الإمام العسكري عليهالسلام : ١٨٢ .
(٢) الكافي ٢ : ٤٤٦ / ١ .
(٣) الكافي ٢ : ٤٤٦ / ٢ .
(٤) الكافي ٢ : ٤٤٤ / ٣ .
(٥) الكافي ٢ : ٤٤٣ / ١ و ٢ .
(٦) في المصدر : قد أصاب .
(٧) في المصدر : فيما هو .
أفضل من هذا ، فيعطي الأمن بيمينه و الخلد بيساره ، ثم يدخل الجنة فيقال له : إقرأ و اصعد ىرجة ، ثم يقال له : هل بلغنا به و أرضيناك ؟ فيقول : نعم ، قال : و من قرأه كثيراً أو تعاهده بمشقة من شدة حفظه أعطاه الله عزوجل أجر هذا مرتين » (١) .
و في الواسائل نقلاً عن ثواب الأعمال بسنده إلى علي بن الحسين عليهالسلام أنه قال : « ليعجبني أن يكون في البيت مصحف يطرد الله ـ عزوجل ـ به الشياطين » (٢) .
و في الكافي بسنده عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام: « البيت الّذي يقرأ فيه القرآن و يذكر الله عزوجل فيه تكثر بركته ، و تحضره الملائكة ، و تهجره الشياطين ، و يضيء لأهل السماء كما تضيء الكواكب لأهل الأرض و إنّ البيت الّذي لا يقرأ فيه القرآن و لايذكر الله عزوجل فيه ، تقل بركته و تهجره الملائكة و تحضره الشياطين (٣) .
و في الصافي نقلاً عن (تفسير العياشي) بعد سؤال جابر عن أبي جعفر عليهالسلام عن تفسير القرآن مرتين ؟ و الجواب عنه في كل مرة بما هو يخالف الآخر ، فقال لي : « يا جابر إنّ للقرآن بطناً و للبطن بطن و ظهر ، و للظهر ظهر (٤) ، يا جابر : و ليس شيء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن ، إنّ الآية ليكون أولها في شيء و آخرها في شيء ، و هو كلام متصل يتصرف على وجوه » (٥) .
__________________
(١) الكافي ٢ : ٤٤١ / ٤ .
(٢) وسائل الشيعة ٤ : ٨٥٥ / ١ ، و ثواب الأعمال : ١٢٩ .
(٣) الكافي ٢ : ٤٤٦ / ٣ .
(٤) في المصدر زيادة : و للبطن ظهر .
(٥) تفسير الصافي ١ : ٢٧ ، و تفسير العياشي ١ : ١٢ / ٨ .
و في نهج البلاغة في آخر كلام له عليهالسلام في ذم اختلاف العلماء في الفتيا : « ألا و أنّ القرآن ظاهره أنيق ، باطنه عميق ، لا تفنى عجائبه (و لا تنقضي غرائبه) (١) و لا تكشف الظلمات إلّا به » (٢) .
و أما الأخبار الواردة في ذم تفسير القرآن بالرأي و وجوب أخذ حقائقه و معانيه ممن خوطب به و أُنزل في بيته ، فهي جم غفير و شيء كثير مذكورة في كتب المحدثين ، و مسطورة في زبر الأولين .
و أما الأخبار الواردة في ذم تفسير القرآن بالرأي و وجوب أخذ حقائقه و معانيه ممن خوطب و أُنزل في بيته ، فهي جم غفير و وشيء كثير مذكورة في كتب المحدثين ، و مسطورة في زبر الأولين .
و هذا مما تبركنا بذكره و طلبنا المثوبة من الله بثبته و نقله ، اللّهم حقق رجائي و لاتخيبني بفضلك و كرمك فإنك المتفضل على عبدك .
و ها أنا أشرع في ذكر ما هو المراد من التعرض لذكر أسامي كتب المصنفين ، و صحف المطهرين من الأولين الأقدمين ثم التالين من بعدهم في كل زمان وعصر حتى يصل إلى زماننا المنكوس الذي كان الأثر فيه معكوساً ، فإن الدهر قد أتى بالخطب الجليل ، و الحدث الفادح ، فإن آثار العلم و علمائه مندرسة ، و أضواء شموسهم منطمسة ، و أنوار أقمارهم منخسفة ، و سيوف الأعداء المنتظرين للوقت منجلية .
اللّهم عجّل فرج محمد و آل محمد ، و أرغد عيشنا بظهور الدولة الحقة ، و أقر أعيننا بنور وجهه الكريم ، فإنه كاشف الكروب عن وجوه المؤمنين ، و الله بهم رؤوف رحيم .
والداعي على هذا الأمر الشريف ، من ترصيف أسامي الكتب من كل تصنيف ، الأخبار الواردة عنهم بحفظ كتب الأصحاب الذين كبروا في حجر تربيتهم ، و تعلموا العلم منهم ، و أعطوا الحكمة لأهلها فاستودعوها في
__________________
(١) ليس في المصدر .
(٢) نهج البلاغة ١ : ٥١ / خطبة ١٧ .
أصولهم ، لكي يقتدي بها الغابرون من شيعتهم ، و يتعلمونها ويراجعونها في أحكام دينهم ، و قد حبس غبار النسيان على وجوه الاُصول المدونة في هذا زمان ، و أنسجت عناكب الدهر الخوان على مجمع علوم أئمة أهل الإيمان .
فشمرت ذيلي مع قصور باعي لذكر أسامي الكتب الإسلامية على ترتيب حروف الهجاء ، من باب الألف إلى أن ينتهي إلى باب الياء ، لعل الله أن يشمل التوفيق لأحد من الناس و يطلبها من أقطار البلاد ، و يجمعها من أصقاع الأرضين من العباد ، و يجمع شتاتها في محل واحد ، و يُنظم دُررها في حبل فارد ، فإنّ فيه إحياء آثار أهل البيت الطاهرين ، و الفوائد المتفرعة على ذلك لا تخفى على أحد من المسلمين ، و الله شهيد على أن نيّتي ليس إلّا ذلك متقرباً بذلك إلى الله وسائلاً منه المثوبة و الزلفى .
فقد روي السيد ابن طاووس في (كشف المحجة) بإسناده إلى (جامع ابن الوليد) عن مفضل بن عمر قال : قال أبو عبدالله عليهالسلام : « أُكتب وبث علمك في إخوانك ، فإن مت فوّرث كتبك بنيك ، فإنه يأتي على الناس زمان هرج ما يأنسون فيه إلّا بكتبهم » (١) .
و في البحار نقلاً عن كتاب عاصم بن حميد عن أبي بصير قال : قال أبو عبدالله عليهالسلام : « اكتبوا فإنكم لا تحفظون إلّا بالكتاب » (٢) .
و منه عن أبي بصير : قال دخلت على أبي عبد الله عليهالسلام فقال : « دخل عليّ أناس من أهل البصرة فسألوني عن أحاديث و كتبوها ، فما يمنعكم من الكتاب أما إنكم لن تحفظوا حتى تكتبوا » (٣) . . الخبر .
و فيهما كفاية عمّا نحن بصدد إثباته ، لكن لما كان بعض الكتب لم يسم
__________________
(١) كشف المحجة : ٣٥ .
(٢) بحار الأنوار ٢ : ١٥٣ / ٤٦ .
(٣) بحار الأنوار٢ : ١٥٣ / ٤٧ .
باسم مخصوص بل يطلق في كتب الرجال بأن فلاناً له كتاب أو أصل ، فذكرت هذا القسم من الكتب في باب الألف باعتبار أنه أصل من اُصول القدماء .
و إن تعرضوا الذكر الفرق بين الأصل و الكتاب بوجوه أسدها و أخصرها ما أفاده المحقق البهبهاني في فوائده الرجالية و تعليقاته على الرجال الكبير المسمى (بمنهج المقال) بهذه العبارة ـ بعد ذكر بعض الوجوه للفرق المذكور ـ : أقول : و يقرب في نظري أن الأصل هو الكتاب الذي جمع فيه مصنفه الأحاديث التي رواها عن المعصوم أو عن الراوي ، و الكتاب المصنف لو كان فيهما حديث معتمد معتبر لكان مأخوذاً من الأصل غالباً ، ثم قال : و إنما قيدنا بالغالب لأنه ربما كان بعض الروايات و قليلها يصل معنعناً و لا يؤخذ من أصل ، و بوجود مثل هذا فيه لايصير أصلًا ، فتدبر (١) . إنتهى .
لكن لما كان الأمر فيهما سهلًا أجملت و تعرضت لذكرهما في باب الألف ، بل قد يتفق أن نعبر عن الكتاب بالأصل في مفاتيح العناوين لتنسيق الباب و تنظيم الكتاب ، و الله يؤتي فضله من يشاء بغير حساب .
__________________
(١) تعليقة البهباني : ٧ .
باب ما أوله الألف من أسماء كتب الإِسلامين الإِماميين ،
من صدر الإِسلام و المنتهية إلى زماننا ، و هو بعد مضي
ثلاثمائة و ألف و عشرين من هجرة سيد المرسلين عليه
صلوات المصلين إلى يوم الدين .
١ـأصل آدم بن المتوكل بن الحسين بياع اللؤلؤ الكوفي : و هو من أصحاب أبئ عبد الله عليهالسلام راوياً عنه ، و صرح النجاشي بأنه ثقة ، وله أصل ، ثم تعرض لذكر الطريق إليه ، و في فهرست الشيخ الطوسي بعد وصفه بأنه بيّاع اللؤلؤ : له كتاب (١) .
و هذا الكلام يستفاد منه من أن الأصل يطلق في كلامهم على الكتاب ، و لذا نعبر عنه بالأصل كما أشرنا إليه .
___________________
(١) فهرست الشيخ : ١٦ / ٤٦ .
و الظاهر اتحاد صاحب الأصل مع آدم بن الحسين النخّاس ـ المضبوط بالخاء المعجمة المشددة و السين المهملة ـ المذكور بعده في كلام النجاشي بعد ثبت أنه كوفي ثقة له أصل ، و إن كان ظاهر الفهرست التعدد .
و قال بعض المحققين : إن الشيخ ـ رحمة الله ـ كان متى ما يرى رجلًا بعنوان ذكره فأوهم ذلك التعدد ، و قال في التعليقة السابقة الإشارة : قلت وقع ذلك من الشيخ مكرراً في الفهرست ، كما وقع في صالح القماط ، إلى أن قال : و الظاهر أن ذكره كذلك لأجل الثبت كما صدر عن النجاشي أيضاً منه ما سيجييء في الحسين بن محمد بن الفضل ، و ليس هذا غفلة منهم كما توهم بعض (١) ، إلى آخر كلامه .
ثم إن ضبطه النخاس بالنجاشي بالجحيم بعد النون والياء بعد الشين ـ كما وقع بخط السيد جمال الدين بن طاووس ، و أشار إليه الشهيد الثاني في تعليقته على الخلاصة ـ فهو سهو و غلط و نقل ما أثبتناه أولى .
٢ـ أصل أبان بن تغلب : بالتاء المثناة فوق المفتوحة و الغين المعجمة الساكنة و الباء الموحدة بعد اللام المكسورة ، و هذا الشيخ من أكابر فقهاء الشيعة و ثقاتهم و محديثهم ، و لقد تعرض لذكره العامة و الخاصة و له تصانيف كثيرة ، سيّأتي إن شاء الله الرحمن الإشارة إليه و بعض أحواله في باب أُلتاء و الغين المعجمة . و كان من أصحاب علي بن الحسين و محمد بن علي و جعفر بن محمد عليهم و السلام راوياً عنهم ، و هو الذي قال له أبو جعفر عليهالسلام : « اجلس في مسجد المدينة و افت الناس ، فإني اُحب أن يرى في شيعتي مثلك » و توفي سنة إحدى و أربعين و مائة ، في حياة أبي عبد الله ،
__________________
(١) تعليقة البهباني : ١٥ .
كما في فهرست الشيخ (١) .
٣ـ أصل أبان بن عمر الأسدي : ختن آل ميثم بن يحيى التمار ، و قد تعرض لذكر الطريق إلى كتابه النجاشي بعد وصفه بانه : شيخ من أصحابنا ، ثقة ، لم يرو عنه إلّا عبيس من هشام الناشري (٢) .
٤ـ أصل أبان بن محمد : المكنى بأبي الفرج ـ كما في الإقبال ـ و هو المعروف بالسندي و اسمه أبان يكنى أبا بشير ، كما عن النجاشي . قال الشيخ في الفهرست : السندي بن محمّد ، له كتاب (٣) . و الظاهر أن هذا الكتاب غير كتاب النوادر الذي هو من هذا الرجل حديثاً يدل على أن الدعاة من بني الحسن عليهالسلام ، و موافقين للأئمة عليهمالسلام ، غير مخالفين لهم ، و لا بأس بذكر ألفاظه ، قال في بيان ذكر الحديث عن جده الطوسي ، إلى أن قال :
عن أبي الفرج أبان بن محمّد المعروف بالسندي نقلناه من أصله قال : كان أبو عبد الله عليهالسلام في الحج ـ في السنة التي قدم فيها أبو عبد الله عليهالسلام ـ تحت الميزاب و هو يدعو ، و عن يمينه عبد الله بن حسن ، و عن يساره حسن بن حسن ، و خلفه جعفر بن حسن ، قال : فجاءه عباد بن كثير البصري ، فقال له : يا أبا عبد الله ، قال : فسكت عنه حتى قالها ثلاثاً ، قال : ثم قال له : يا جعفر ، قال : فقال له : قل ما تشاء يا أبا كثير ، قال :
__________________
(١) فهرست الشيخ : ١٧ / ٥١ .
(٢) رجال النجاشي : ١٤ / ١٠ .
(٣) فهرست الشيخ : ٨١ / ٣٣١ .
إني وجدت في كتاب لي علم هذه النَبيّة ، رجل ينقضها حجراً حجراً . قال : فقال له : « كذب كتابك يا أبا كثير ، و لكني كأني و الله به ، أصف القدمين ، حمش الساقين ، ضخم البطن ، رقيق العنق ، ضخم الرأس ، على هذا الركن ـ و أشار بيده إلى الركن اليماني ـ يمنع الناس من الطواف حتى يتذعروا منه . قال : ثم يبعث الله له رجلًا مني ـ و أشار بيده إلى صدره ـ فيقتله قتل عاد و ثمود و فرعون ذي الأوتاد » قال : فقال له عند ذلك عبد الله بن الحسن : صدق و الله أبو عبد الله عليهالسلام ، حتى صدَّقوه كلهم جميعاً ، إنتهى تعبير السيد رحمهالله عن الكتاب بالأصل يوافق مرادنا في الكتاب عليه ، فلا تكن في ذلك شاكاً و لا مرتاباً .
٥ـ أصل إبراهيم بن أبي البلاد : المسمى بيحيى بن سليم مولى بني غطفان ، بفتح الغين و الطاء المهملة . روى عن أبي عبد الله و أبي الحسن و الرضا عليهمالسلام ، و كان اللرضا إليه رسالة ، و أثنى عليه ، و له كتاب ، و الطريق إلى كتابه مذكور في النجاشي . و قد تعرض لتوثيقه و صرح بتكنيته بأبي إسماعيل و العمل على روايته صدوق الطائفة في كتاب من لا يحضره الفقيه . و يظهر من بعض الأخبار ملاقاته لابن الرضا عليهالسلام و أخذ الحديث عنه ، كما في حديث لصوق بطنه إلى بطنه عليهالسلام ، فليراجع .
ثم اعلم أن في منهج المقال للاسترآبادي في ترجمة إبراهيم بن أبي سمال : بالسين المهملة و اللام و تخفيف الميم ، و منهم من شددها بفتح السين ، و الأول أصح ، أو الكاف كما عن بعض ، المكنى بأبي بكر ، الراوي هو و أخوه إسماعيل بن أبي سماك عن أبي الحسن موسى عليهالسلام ، و كانا من الواقفية (١) ، ثم نقل عن الخلاصة توثيق النجاشي له ، و ذكر عن الكشي
__________________
(١) منهاج المقال : ١٩ .