الشيخ عبد الله المامقاني
المحقق: الشيخ محيي الدين المامقاني
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-492-2
ISBN الدورة:
الصفحات: ٤١١
[باب خليل]
باب خليل
[الضبط :]
[خليل :] بفتح الخاء المعجمة ، وكسر اللام ، وسكون الياء المثنّاة من تحت ، بعدها لام (١).
__________________
(١) لاحظ : المؤتلف للدارقطني ٨٨٥/٢ ـ ٨٨٨ ، الإكمال لابن ماكولا ١٧٣/٣ ـ ١٧٩ ، توضيح المشتبه لابن ناصر الدين ٤٤٤/٣ ، وقد استعمل بالألف واللام وعاريا منها.
[٧٦٩٥]
١٤٥ ـ خليل بن أحمد الزيّات
جاء في الهداية الكبرى للحسين بن حمدان الخصيبي : ٦٣ الباب الأول برقم ١٧ ، بسنده : .. عن حامد بن يزيد ، عن خليل بن أحمد الزيات ، عن صندل ، عن داود بن فرزدق ، عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام ..
حصيلة البحث
المعنون مهمل.
[٧٦٩٦]
٢٧٨ ـ خليل بن أحمد بن عمرو بن تميم
الفراهيدي الأزدي اليحمدي
الأديب النحوي العروضي (*)
الضبط :
الفراهيدي : بالفاء المفتوحة ، والراء المهملة ، والألف ، والهاء ، والياء المثنّاة
__________________
مصادر الترجمة
الخلاصة للعلاّمة : ٦٧ برقم ١٠ ، رجال ابن داود القسم الأوّل : ١٤١ برقم ٥٦٤ ، وسائل الشيعة ١٨٧/٢٠ برقم ٤٤٤ ، روضات الجنّات ٣٠٠/٣ برقم ٢٩٤ ، جامع الرواة ٢٩٨/١ ، مجمع الرجال ٢٧٣/٢ ، ملخّص المقال في قسم الحسان ، إتقان المقال : ١٨٨ ، رجال شيخنا الحرّ المخطوط : ٢٣ من نسختنا ، الوسيط المخطوط باب الخاء ، أمالي الشيخ الصدوق ٥٤٤/١ ، أمالي شيخنا الطوسي ٢٢١/٢ ، تعليقة الوحيد المطبوعة على هامش منهج المقال : ١٣٣ ، مستطرفات السرائر آخر الكتاب ، مجمع البيان ١١٧/٧ ، الرواشح السماوية : ٢٠٣. وانظر أيضا : أمل الآمل ٤٧٥/٢.
ولاحظ من مجاميع العامة :
البداية والنهاية ١٦١/١٠ ، وتهذيب التهذيب ١٦٣/٣ برقم ٣١٢ ، وإنباه الرواة على أنباه النحاة ٣٤١/١ ، وتاريخ ابن كثير ١٦١/١ ، وتقريب التهذيب ٢٢٨/١ برقم ١٥٩ ، وطبقات الزبيدي : ٢٢ ، وطبقات القراء لابن الجوزي ٢٧٥/١ ، وفهرست ابن النديم : ٤٨ الفن الأول من المقالة الثانية ، وكشف الظنون ١٤٤١/٢ ، واللباب ١٧/٢ ، ومرآة الجنان ٢٦٢/١ في وفيات سنة ١٧٠ ، والمزهر ٤٠١/٢ ، وسير أعلام النبلاء ٣٨٠/٣ برقم ١٧٣٤ ، والعبر ٢٦٨/١ في حوادث سنة ١٧٥ ، وشذرات الذهب ٢٧٥/١ في حوادث سنة ١٧٠ ، وتهذيب الأسماء واللغات ١٧٧/١ برقم ١٤٩ ، وذيل الكاشف للعراقي : ٩٤ برقم ٣٩٤ ، والتاريخ الكبير ٩٩/٣ برقم ٦٨١ ، وبغية الوعاة : ٢٤٣ ، والمعارف لابن قتيبة : ٥٤١ ، والكامل للمبرد ٢٤١/١ ، ومعجم الأدباء ٧٢/١١ برقم ٧ ، ونور القبس : ١٦ ، وتاريخ الكامل لابن الأثير ٥٠/٦ في حوادث سنة ١٦٠ ، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال : ١٠٦ ، وتاريخ أبي الفداء ٨/٢ في حوادث سنة ١٦٠ ، وعيون الأخبار لابن قتيبة راجع فهرسته.
من تحت ، والدال المهملة ، والياء ، نسبة إلى فرهود (١) ، أبي بطن من يحمد ، والنسبة إليه : فرهودي وفراهيدي ، والثاني هو المشهور والأكثر استعمالا في النسبة (٢).
__________________
(١) في معجم الأدباء ٧٢/١١ ـ ٧٣ برقم ١٧ ، قال : الخليل بن أحمد بن عمر بن تميم أبو عبد الرحمن الفراهيدي ، ويقال : الفرهودي نسبة إلى فراهيد بن مالك بن نهم بن عبد اللّه بن مالك بن مضر الأزدي البصري ، سيد الأدباء في علمه وزهده.
وقال في الإكمال ١٧٣/٣ : والخليل بن أحمد البصري الفراهيدي ، ويقال : الفرهودي ، الإمام في علوم العربية ، وهو أول من هذب النحو وبسط الكلام فيه ، واستنبط علم العروض والقوافي ، روى عنه أبو بشر سيبويه وأبو الحسن الأخفش وحمّاد بن زيد وعلي بن نصر وعون بن عمارة والنضر بن شميل والليث بن المظفر ، وكان يكنى : أبا عبد الرحمن ، وله شعر ليس يقارب طبقته في العلوم.
(٢) أقول : قد اختلف في ضبط اللفظة تارة في أنّه بالدال ، واخرى في كونها الفاء أو ضمه ، قال ابن الأثير في اللباب ٤١٦/٢ ـ ٤١٧ : الفراهيذي : بفتح الفاء والراء وبعد الألف هاء مكسورة ، ثم ذال معجمة ، هذه النسبة إلى فراهيذ بطن من الأزد ، وهو فراهيذ ابن شبانة بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبد اللّه بن زهران.
وقال السمعاني في الأنساب ١٦٦/١٠ برقم ٣٠٠٣ : الفراهيدي : فراهيد بطن من الأزد.
ولم يصرّح بحركة الفاء ولكنها مضمومة في المطبوع من الأنساب ولعله من المصحح. والأظهر ـ بل الصحيح ـ أنّ الفرهودي ـ بضم الفاء ، والفراهيدي بفتح الفاء.
قال في تاج العروس ٤٥٢/٢ مادة (فرهد) : والفرهود بالضم ولد الوعل ، وفرهود أبو بطن من يحمد ، وهم بطن من الأزد ؛ منهم : إمام الصنعة الخليل بن أحمد بن أحمد العروضي ، وهو فرهودي ـ بالضم ـ ، هكذا كان يقوله يونس ، وفرهيدي كما هو المشهور والأكثر في الاستعمال. روي عن الأصمعي أنّه قال : سألت الخليل بن أحمد : ممّن هو؟ فقال : من أزد عمان من فراهيد. قلت : وما فراهيد؟ قال : جرو الأسد بلغة عمان. وقال الرشاطي : في الأزد الفراهيد بن شبابة بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس. كذا لابن الكلبي. وقال ابن دريد : فرهود بن شبابة. وفي البغية : هو فراهيد بن مالك بن فهم بن عبد اللّه بن مالك بن نصر بن الأزد. وانظر : القاموس المحيط ٣٢٣/١.
وقد مرّ (١) ضبط الأزدي في ترجمة : إبراهيم بن إسحاق.
واليحمدي : نسبة إلى يحمد ، وزان يمنع ، أبو قبيلة من الأزد (٢).
والأديب والنحوي واضحان ، لتبحّره فيهما.
والعروضي : نسبة إلى علم العروض ، وليست هذه النسبة لمجرّد المهارة ، بل لكونه منشأ له ، فقد قيل : إنّه دعا بمكة أن يرزق علما لم يسبقه إليه أحد ، ولا يؤخذ إلاّ عنه ، فلما رجع من حجه ، فتح عليه بعلم العروض (٣).
وعن كتاب المرزباني (٤) ـ نقلا عن أحمد بن خيثمة ـ : كانت ولادته في سنة
__________________
(١) في صفحة : ٢٩٢ من المجلّد الثالث.
(٢) قال السمعاني في الأنساب ٤٨٤/١٣ برقم ٥٣٠٩ : اليحمدي بفتح الياء المنقوطة بنقطتين ، وسكون الحاء المهملة ، وفتح الميم ، وكسر الدال المهملة ، هذه النسبة إلى يحمد ، وظني أنّه بطن من الأزد.
وفي هامش تاج العروس ٤٥٢/٢ مادة (فرهد) : يحمد كيمنع وكيعلم مضارع أعلم أبو قبيلة ، كما في القاموس.
وذكر في التاج ٣٣٩/٢ مادة (حمد) : أنّ جمعه : اليحامد.
وفي القاموس المحيط ٢٨٩/١ مادة (حمد) : ويحمد كيمنع وكيعلم آتي ـ أي مضارع ـ أعلم أبو قبيلة ، ج : اليحامد.
(٣) كما قاله في إنباه الرواة على أنباه النحاة للقفطي ٣٤٢/١ برقم ٢٣٥.
(٤) في سير أعلام النبلاء ٤٢٩/٧ برقم ١٦١ ، قال : وكان رحمه اللّه مفرط الذكاء ، ولد سنة مائة ، ومات سنة بضع وستين ومائة ، وقيل : بقي إلى سنة سبعين ومائة .. ، وقال في شذرات الذهب ١٧٥/١ في حوادث سنة ١٧٠ : وفيها مات إمام اللغة والعروض والنحو ، الخليل بن أحمد الفراهيدي الأزدي ، وقيل : سنة ١٧٥ .. ، وفي تهذيب الأسماء واللغات ١٧٨/١ برقم ١٤٩ ، قال : توفي بالبصرة سنة ١٧٠ وهو ابن أربع وسبعين ، وفي تاريخ الكامل لابن الأثير ٥٠/٦ في حوادث سنة ١٦٠ ، فقال : وفيها توفي الخليل بن أحمد البصري الفرهودي النحوي ، الإمام المشهور في النحو ، استاذ سيبويه ، وقال في بغية الوعاة : ٢٤٥ : توفي الخليل سنة ١٧٥ ، وقيل : سنة ١٧٠ ،
مائة من الهجرة ، وتوفّي سنة سبعين ومائة ، أو خمس وسبعين ومائة ، وقيل : عاش أربعا وسبعين سنة.
وقال ابن قانع إنّه : توفي في سنة ستين ومائة.
وقال ابن الجوزي (١) : مات سنة ثلاثين ومائة. وهذا غلط قطعا.
وقال ابن النديم (٢) : توفي الخليل بالبصرة ، سنة سبعين ومائة ، وعمره أربع وسبعون سنة.
الترجمة :
قال في القسم الأوّل من الخلاصة (٣) : خليل بن أحمد ، كان أفضل الناس في الأدب ، وقوله حجّة فيه ، واخترع علم العروض ، وفضله أشهر من أن يذكر ، وكان إماميّ المذهب. انتهى.
وقال ابن داود في القسم الأوّل من رجاله (٤) : الخليل بن أحمد ، شيخ الناس في علوم الأدب ، فضله وزهده أشهر من أن يخفى ، كان إماميّ المذهب. انتهى.
ويدلّ على كونه إمامي المذهب أنّه قيل له (٥) : ما تقول في علي بن أبي طالب عليه السلام؟ فقال : ما أقول في حقّ امرئ ، كتمت مناقبه أولياؤه خوفا ،
__________________
وقيل : ستين. وله أربع وسبعون سنة ، ومثله في خلاصة تذهيب تهذيب الكمال : ١٠٦ ، وفي تاريخ أبي الفداء ٨/٢ في حوادث سنة ١٦٠ ، قال : وفيها توفي الخليل بن أحمد البصري النحوي استاذ سيبويه.
(١) نقل التاريخ المذكور في روضات الجنات ٣٠٠/٣ برقم ٢٩٤ عن ابن الجوزي.
(٢) ابن النديم في فهرسته : ٤٨ في الفن الأوّل من المقالة الثانية.
(٣) الخلاصة : ٦٧ برقم ١٠.
(٤) رجال ابن داود : ١٤١ برقم ٥٦٤.
(٥) كما أورده الخوانساري في روضات الجنات ٢٨٩/٣ ـ ٣٠١ برقم ٢٩٤.
وأعداؤه حسدا ، ثم ظهر من بين الكتمين ما ملأ الخافقين.
قلت : لعمري إنّه كلام يليق أن يكتب بالنور على خدود الحور.
وقيل له (١) أيضا : ما الدليل على أنّ عليّا عليه السلام إمام الكلّ في الكل؟ قال : احتياج الكلّ إليه واستغناؤه عن الكل.
ونقل المولى الوحيد رحمه اللّه في التعليقة (٢) عن كشف الغمة (٣) ، عن يونس النحوي ـ وكان عثمانيّا ـ قال : قلت للخليل بن أحمد : أريد أن أسألك عن مسألة فتكتمها عليّ؟! فقال : قولك يدلّ على أنّ الجواب أغلظ من السؤال فتكتمه أيضا. قلت : نعم ، أيّام حياتك ، قال : سل ، قلت : ما بال أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كأنهم كلّهم بنو امّ واحدة ، وعلي بن أبي طالب عليه السلام كأنّه ابن علّة (٤)؟ فقال : إنّ عليا عليه السلام تقدّمهم إسلاما ، وفاقهم علما ، وبذّهم شرفا ، ورجّحهم زهدا ، وطالهم جهادا ، والناس إلى أشكالهم وأشباههم أميل منهم إلى من بان منهم ، فافهم (٥).
__________________
(١) روضات الجنات ٣٠٠/٣ برقم ٢٩٤.
(٢) التعليقة المطبوعة على هامش منهج المقال : ١٣٣.
(٣) كشف الغمة ٥٤٤/١ ، ولاحظ : أمالي شيخنا الطوسي رحمه اللّه ٢٢١/٢ ، ونور القبس : ٥٧ برقم ١٦ مع زيادة.
(٤) في التعليقة : عمّه ، وهو تصحيف.
(٥) قال في وسائل الشيعة ١٨٧/٢٠ برقم ٤٤٤ : خليل بن أحمد ، كان أفضل الناس في الأدب ، وقوله حجّة فيه ، واخترع علم العروض ، وفضله أشهر من أن يذكر ، وكان إماميّ المذهب ، قاله العلاّمة ، ومثله في جامع الرواة ٢٩٨/١ ، وعنونه في مجمع الرجال ٢٧٣/٢ ، وعدّه في ملخّص المقال في قسم الحسان ، وفي إتقان المقال : ١٨٨ بعد أن نقل عبارة الخلاصة ، قال : بل يستشمّ من كلام الخلاصة التوثيق ، ورجال شيخنا الحرّ المخطوط : ٢٣ من نسختنا ، وذكره في الوسيط المخطوط في باب الخاء.
بيان :
يقال : بذّه بذّا : إذا غلبه (١) ، وبنو العلاّت : أولاد الرجل من نسوة شتّى ، كأنّ كل واحدة منهنّ علّة ـ بكسر العين ـ على قلب الاخرى (٢).
وعن الصدوق رحمه اللّه في أماليه (٣) ، عن أبي زيد النحوي ، قال : سألت
__________________
(١) قال في الصحاح ٥٦١/٢ : بذّه يبذّه بذّا .. أي غلبه وفاقه.
(٢) قال في الصحاح ١٧٧٣/٥ مادة (علل) : وبنو العلاّت : هم أولاد الرجل من نسوة شتّى ، سمّيت بذلك ؛ لأنّ الذي تزوّجها على اولى قد كانت قبلها [ناهل] ثم علّ من هذه.
(٣) أمالي الشيخ الصدوق : ٢٢٩ ـ ٢٣٠ المجلس الأربعون حديث ١٤.
وفي مجمع البيان ١١٧/٧ في تفسير الآية الشريفة : (قٰالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صٰالِحاً ..) في سورة المؤمنون (٢٣) : ٩٩ ـ ١٠٠ ، قال : وروى نصر بن شميل ، قال : سألوا الخليل عن هذا ـ أي عن : (رَبِّ ارْجِعُونِ) ففكّر ، ثمّ قال : سألتموني عن شيء لا أحسنه ولا أعرف معناه ، فاستحسن الناس منه ذلك.
وفي نور القبس : ٦٣ من الوافر ، قال :
إذا ضيّقت أمرا زاد ضيقا |
|
وأن هوّنت صعب الأمر هانا |
فلا تجزع لأمر ضاق شيئا |
|
فكم صعب تشدّد ثمّ لانا |
وقال من الوافر :
وما بقيت من اللذّات إلاّ |
|
محاورة الرجال ذوي العقول |
وقد كانوا إذا عدّوا قليلا |
|
فقد صاروا أقلّ من القليل |
وله أيضا :
وما شيء أحبّ إلى لئيم |
|
إذا سبّ الكرام من الجواب |
متاركة اللئيم بلا جواب |
|
أشدّ على اللئيم من السباب |
وقال من السريع :
غرّ جهولا امله |
|
حتى يوافى اجله |
ومن دنا من حتفه |
|
لم تغن عنه حيله |
لا يصحب الإنسان من |
|
دنياه إلاّ عمله |
__________________
وقال في صفحة : ٦٤ : وقال من الكامل :
وإذا افتقرت إلى الذخائر لم تجد |
|
ذخرا يكون لصالح الأعمال |
وقال : من الوافر :
يعيش المرء في أمل |
|
يردّده إلى الأبد |
يؤمّل ما يؤمّل من |
|
صنوف المال والولد |
ولا يدري لعلّ المو |
|
ت يأتي دون بعد غد |
فلا يبقى لوالده |
|
ولا يبقي على ولد |
وقال من الطويل :
تكثّر من الإخوان ما اسطعت أنّهم |
|
بطون إذا استنجدتهم وظهور |
وما بكثير ألف خلّ لعاقل |
|
وانّ عدوا واحدا لكثير |
.. وله شعر كثير إلاّ أنّه لم يك متخذا ذلك مهمة.
ومن كلماته الحكمية قوله ـ كما جاء في صفحة : ٦٥ من نور القبس ـ قال : إذا أخبرك بعيبك صديق قبل أن يخبرك به عدوّ فأحسن شكره وأقبل نصحه ، فإنّك إن قبلته لم ينفعه وإن رددته لم تضرّ إلاّ نفسك. وفي صفحة : ٦٧ ، قال : لمّا دخل الخليل البصرة عزم على مناظرة أبي عمرو بن العلاء ، فجلس في حلقته ، ثم انصرف ولم ينطق ، فقيل له : ما حملك على السكوت عن مناظرته؟ قال : نظرت فإذا هو رئيس منذ خمسين سنة ، فخفت أن ينقطع فيفتضح في البلد ، فلم أكلّمه.
أقول : من كثير من نظمه ونثره ـ ومنه القصة التي ذكرناها ـ يعلم مدى رعايته على كيان الآخرين وإن كان موجبا للحطّ من نفسه أو خمول ذكره ، ونستكشف من مجموع ما ذكروا في ترجمته أنّه ممّن خالف هواه ، وترفّع عن اتّباع الشهوات ، والتنازل لأحد بنية الحصول على المال أو الجاه.
وممّا يذكر في المقام ما ذكر في نور القبس : ٦٦ ـ ٦٧ ، فقال : ولما ولي سليمان بن حبيب المهلّبي الأهواز زاره الخليل ، فلم يحمد أمره فرجع إلى البصرة وكتب إليه من البسيط مرّ آنفا وبيت :
إن كان ضنّ سليمان بنائله |
|
واللّه أفضل مسئول لسؤال |
فكتب يعتذر إليه ، فلمّا أتاه الرسول أدخله منزله فأخذ خبزا يابسا فبلّه بماء ، ثم قال للرسول : أبلغ سليمان إنّا لا حاجة لنا فيه ما دمنا نجد هذا!.
__________________
وقال وهب بن جرير : خرج أبي والخليل والفضل بن المؤتمن العتكي إلى سليمان ابن حبيب بن المهلّب إلى الأهواز ، فبدأ بعطاء الاثنين قبل الخليل ، فكتب إليه الخليل بأبيات تمثل بها من الكامل.
ورد العفاة المعطشون فأصدروا |
|
ريّا فطاب لهم لديك المكرع |
ووردت حوضك ظامئا متدفّقا |
|
فرددت دلوي شنّها يتقعقع |
وأراك تمطر جانبا عن جانب |
|
وفناء أرض من سمائك بلقع |
أبحسن منزلتي تؤخّر حاجتي |
|
ام ليس عندك لي لخير مطمع |
ورحل عنه ، فوجّه إليه بألف دينار ، فردّها ، وقال : هيهات ، افلتت قائبة من قوبها.
وفي صفحة : ٧٠ ، قال : قال الخليل في تفضيل شكر الشاكر على إنعام المنعم من الطويل :
وما بلغ الأنعام في النفع غاية |
|
من الفضل إلاّ مبلغ الشكر أفضل |
وما بلغت أيدي المنيلين بسطة |
|
من الطول إلاّ بسطة الشكر أطول |
ولا رجحت بالمرء يوما صنيعة |
|
على المرء إلاّ وهي بالشكر أثقل |
وقال من المجتث :
إن لم يكن لك لحم |
|
كفاك خلّ وزيت |
أو لم يكن ذا وهذا |
|
فكسرة وبييت |
تطلّ فيه وتأوى |
|
حتى يجيئك موت |
هذا عفاف وأمن |
|
فلا يغرّك ليت |
***
إن الذي شقّ فمي ضامن |
|
للرّزق حتى يتوفّاني |
حرمتني خيرا قليلا فما |
|
زادك في مالك حرماني |
قال في روضات الجنات ٢٨٩/٣ ـ ٢٩٠ برقم ٢٩٤ : الشيخ الورع البارع الإمام أبو عبد الرحمن خليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي ، ويقال : الفرهودي الأزدي اليحمدي البصري اللغوي العروضي النحوي المتقدّم المشهور .. إلى أن قال : كان رحمه اللّه من ولد فراهيد ـ بالفاء والراء ـ أم فرهود بن مالك الذي هو أبو بطن من الأزد ، مثل يحمد ، وقيل : إنّه من أبناء ملوك العجم الذين انتقلوا بأمر أنوشروان العادل إلى
__________________
حدود اليمن ، وكانوا ستمائة رجل ينتهي إليهم نسب سيبويه النحوي أيضا ، كما في مجالس المؤمنين ، وكان فاضلا صالحا عاقلا حكيما وقورا إماما في علم النحو ومستنبطا للعروض مستخرجا لأبحاره الخمسة عشر .. إلى أن قال : وكان أفضل الناس في الأدب ، ثم نقل عن تقريب ابن حجر والخلاصة للعلاّمة عبارتهما ، ثم قال في أخبار النحاة البصريّين : وكان صالحا عاقلا حليما وقورا متقلّلا من الدنيا ، صبورا على العيش الخشن ، كما في بعض التواريخ. وعن سفيان بن عيينة أنّه قال : من أحبّ أن ينظر إلى رجل خلق من الذهب والمسك فلينظر إلى الخليل بن أحمد. كان النضر بن شميل بن خرشة البصري الذي هو من كبار أصحاب الخليل يقول : ما رأيت أحدا أعلم بالسنّة بعد ابن عون من الخليل بن أحمد ، ويقول : أكلت الدنيا بأدب الخليل وكتبه ، وهو في خصّ لا يشعر به ، وقال أبو عبيدة : ضاقت المعيشة على الخليل بالبصرة فخرج يريد خراسان ، فشيّعه من أهل البصرة ثلاثة آلاف رجل ما فيهم إلاّ محدّث ، أو نحوي ، أو لغويّ ، أو أخباري فلمّا صار بالمربد ، قال : يا أهل البصرة! يعزّ عليّ فراقكم واللّه لو وجدت كل يوم كليجة باقلا ما فارقتكم! قال : فلم يكن فيهم من يتكلّف ذلك ، فسار إلى خراسان وأفاد بها أموالا.
وقال في نور القبس : ٥٩ ـ ٦١ برقم ١٦ : وكان الخليل منقطعا إلى الليث بن رافع بن نصر بن سيار صاحب خراسان ، وكان من أكتب الناس ، وكان بارع الأدب ، وكان كاتبا للبرامكة ، فأراد الخليل أن يهدي له هديّة ، فعلم أنّ المال والأثاث لا يقعان عنده موقعا ، فصنّف له كتاب العين الذي لم يوضع مثله ، فوقع عنده موقعا جسيما ، وحفظ نصفه ، وكانت له بنت عمّ تحته عاقلة ، فابتاع جارية بارعة الجمال ، فبلغها ذلك فنالتها عليه غيرة ، فقالت لأغيظنّه ، وعمدت إلى الكتاب فأحرقته لعلمها بإعجابه به ، فطلب الليث الكتاب فلم يجده ، وأخبر بحاله فأسقط في يده ، وكان الخليل قد مات ، فطلب نسخة للكتاب فأعوزته ؛ لأنّ الخليل كان قد خصّه به ، فاستدرك النصف من حفظه وجمع على النصف الباقي أدباء زمانه فمثلوا على النصف الأوّل ولم يلحقوا ، فالنصف الأخير الذي في أيدي الناس ليس من تصنيف الخليل .. إلى أن قال : وقال : أخرج من منزلي فألقى رجلا من أربعة رجال رجلا أعلم منّي فهو يوم فائدتي ، أو رجلا مثلي فهو يوم مذاكرتي ، أو رجلا متعلّما فهو يوم ثوابي وأجري ، أو رجلا دوني في الحقيقة وهو يرى أنّه فوقي ـ وهو يحاول أن يتعلّم منّي وكأنّه يعلّمني ـ فذاك الذي لا أكلّمه ولا انظر إليه.
الخليل بن أحمد العروضي فقلت : لم هجر الناس عليّا [عليه السلام] (١) ، وقربه (٢) من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قربه (٣) ، وموضعه من المسلمين موضعه ، وعناؤه في الإسلام عناؤه؟ فقال : بهر واللّه نوره أنوارهم ، وغلبهم على صفو كل منهل ، والناس إلى أشكالهم أميل ، أما سمعت الأوّل
__________________
وقال (من البسيط).
العلم يذكّي عقولا حين يصحبها |
|
وقد يزيدها طول التجاريب |
وذو التأدّب في الجهّال مغترب |
|
يرى ويسمع ألوان الأعاجيب |
وقال : الرجال أربعة ؛ فرجل يدري ويدري أنّه يدري فذاك عالم فاتّبعوه ، ورجل يدري ولا يدري أنّه يدري فذاك ناس فاذكروه ، ورجل لا يدري ويدري أنّه لا يدري فذاك جاهل فعلّموه ، ورجل لا يدري ولا يدري أنّه لا يدري فذاك مائق [أحمق] فاحذروه.
قيل للخليل بن أحمد : أيهما أفضل ، العلم أو المال؟ قال : العلم ، قيل له : فما بال العلماء يزدحمون على أبواب الملوك ، والملوك لا يزدحمون على أبواب العلماء؟ قال : ذلك لمعرفة العلماء بحقّ الملوك ، وجهل الملوك بحق العلماء.
جاء في العقد الفريد ٢١٣/٢ ، وفي الكامل للمبرد ٢٤١/١ ، قال : الخليل ابن أحمد :
وإذا افتقرت إلى الذخائر لم تجد |
|
ذخرا يكون كصالح الأعمال |
وله أيضا وقد نظر في النجوم فابعد ؛ ثمّ لم يرتضها
أبلغا عنّي المنجّم أنّي |
|
كافر بالذي قضته الكواكب |
عالم أنّ ما يكون وما كا |
|
ن بحتم من المهيمن واجب |
في المعارف لابن قتيبة : ٥٤١ ، قال : الخليل بن أحمد هو صاحب العروض ، وهو منسوب إلى يحمد من الأزد من فخذ يقال لهم : الفراهيد وكان ذكيّا ، لطيفا ، فطنا ، شاعرا .. إلى أن قال : قال أنشدني الأخفش ، له
واعمل بعلمي ولا تنظر إلى عملي |
|
ينفعك علمي ولا يضررك تقصيري |
(١) الزيادة من المصدر.
(٢) في المصدر : قرباه.
(٣) في المصدر : قرباه.
حيث يقول :
وكلّ شكل لشكله إلف (١) |
|
أما ترى الفيل يألف الفيلا |
قال : وأنشدنا الرياشي في معناه عن العباس بن الأحنف :
وقائل كيف تهاجرتما |
|
فقلت قولا فيه إنصاف (٢) |
لم يك من شكلي فهاجرته |
|
والناس أشكال وآلاف |
انتهى.
فالحق أنّ الرجل من أعلى الحسان (٣).
__________________
(١) في الصحاح الجوهري ١٣٣٢/٤ : الجوهري الإلف : الأليف.
(٢) في الأصل : أصناف.
(٣) قال في معجم الأدباء ٧٢/١١ ـ ٧٤ برقم ١٧ [وفي طبعة اخرى ٣٠٠/٣ ـ ٣٠١ برقم (٤٠١)] ، قال : الخليل بن أحمد بن عمر بن تميم أبو عبد الرحمن الفراهيدي ، ويقال : الفرهودي نسبة إلى فراهيد بن مالك بن فهم بن عبد اللّه بن مالك بن مضر الأزدي البصري سيد الأدباء في علمه وزهده. قال السيرافي : كان الغاية في تصحيح القياس ، واستخراج مسائل النحو وتعليله .. إلى أن قال : وهو أوّل من استخرج العروض ، وضبط اللغة ، وحصر أشعار العرب ، يقال : إنّه دعا بمكّة أن يرزقه اللّه تعالى علما لم يسبق به ، فرجع وفتح عليه بالعروض ، وكانت معرفته بالإيقاع هو الذي أحدث له علم العروض ، وكان يقول الشعر فينظم البيتين والثلاثة ونحوها. وكان سفيان الثوري يقول : من أحبّ أن ينظر إلى رجل خلق من الذهب والمسك فلينظر إلى الخليل بن أحمد ، ويروي عن النضر ابن شميل أنّه قال : كنّا نمثّل بين ابن عون والخليل بن أحمد أيهما نقدّم في الزهد والعبادة ، فلا ندري أيّهما نقدّم ، وكان يقول : ما رأيت رجلا أعلم بالسنّة بعد ابن عون من الخليل بن أحمد ، وكان يقول : أكلت الدنيا بعلم الخليل وكتبه وهو في خصّ لا يشعر به ، وكان يحجّ سنة ، ويغزو سنة ، وكان من الزهّاد المنقطعين إلى اللّه تعالى ..
ثم عدّد كتبه ، ومن شعره :
لو كنت تعلم ما أقول عذرتني |
|
أو كنت تعلم ما تقول عذلتكا |
لكن جهلت مقالتي فعذلتني |
|
وعلمت أنك جاهل فعذرتكا |
تذييل :
ذكر الحلّي رحمه اللّه في مستطرفات السرائر (١) الخليل وعدّه من كبراء أصحابنا المجتهدين ، لكن بعنوان : الخليل بن إبراهيم بن أحمد العروضي ، وترجمه غيره بإسقاط إبراهيم ، وتبعناهم في العنوان لتفرد الحلي رحمه اللّه بما عنون به ، قالوا : وكان أبوه أحمد أوّل من سمّي بهذا الاسم بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم. انتهى.
ونقل عن المبرد (٢) أنّه قال : فتّش المفتّشون فما وجدوا بعد نبيّنا صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من اسمه أحمد قبل أبي الخليل ، فكان ولده بتلك المنزلة من الذكاء
__________________
وفي صفحة : ٧٥ [٣٠٢/٣] ، قال : ووجّه إليه سليمان بن علي والي الأهواز لتأديب ولده ، فأخرج الخليل لرسول سليمان خبزا يابسا ، وقال : ما دمت أجده فلا حاجة بي إلى سليمان ، فقال الرسول : فما أبلّغه عنك؟ فقال :
أبلغ سليمان أنّي عنه في سعة |
|
وفي غنى غير أني لست ذا مال |
سخى بنفسي أنّي لا أرى أحدا |
|
يموت هزلا ولا يبقى على حال |
والفقر في النفس لا في المال نعرفه |
|
ومثل ذاك الغنى في النفس لا المال |
فالرزق عن قدر لا العجز ينقصه |
|
ولا يزيدك فيه حول محتال |
وذكرت هذه القصة بنحو آخر.
ومن شعره أيضا :
وقبلك داوى الطبيب المريض |
|
فعاش المريض ومات الطبيب |
فكن مستعدّا لدار الفناء |
|
فإن الذي هو آت قريب |
توفّي سنة ستين ومائة ، وقيل : سبعين ومائة وله أربع وسبعون سنة.
(١) في آخر المستطرفات قبل تمام وختم الكتاب بأسطر : ٤٩٤ [الطبعة الحجرية ، وفي الطبعة المحقّقة ٦٥٢/٣] هكذا : وقد قال الخليل إبراهيم بن أحمد العروضي رحمه اللّه : الإنسان لا يعرف خطأ معلّمه حتى يجالس غيره.
(٢) في الكامل ٢٤١/١ ، قال : قال أبو الحسن : زعم النسّابون أنّهم لا يعرفون منذ وقت النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم .. إلى الوقت الذي ولد فيه أحمد أحدا سمّي بأحمد غيره.
والعلم والزهد ، كرامة لأوّل تسميته باسم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم (١). انتهى.
وقال في روضات الجنّات (٢) : إنّه كان ـ يعني أحمد ـ زمن الصادق عليه السلام ، ويقال : إنّه كان من جملة أصحابه ، وله الرواية عنه في كتب أصحابنا المتديّنين. انتهى.
وقد أرّخ السيّد صدر الدين رحمه اللّه في حاشية المنتهى (٣) مولده بسنة مائة ، ووضعه (٤) لعلم العروض بسنة مائة وخمس وسبعين. قال : وقيل : قبلها ، وقيل : بعدها ، ونقل السيّد هاشم البحراني في روضة العارفين أنّه توفّي : سنة تسعين (٥) ومائة ، وهو ابن أربع وتسعين سنة.
وأقول : هذا مناف لكون مولده سنة مائة ، فلا تذهل.
__________________
(١) وقال السمعاني في الأنساب ١٦٧/١٠ : قال أبو حاتم بن حبّان : الخليل بن أحمد ابن فراهيد ، صاحب العروض وكتاب العين ، يروي المقاطيع .. وكان من خيار عباد اللّه من المتقشفين في العبادة. قلت : تلمذ له النضر بن شميل وعالم لا يحصى .. إلى أن قال : قال الشيخ أبو سليمان : ليس بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلم من امته من اسمه أحمد ما بينه وبين أحمد الفراهيدي أبي الخليل ابن أحمد.
(٢) روضات الجنات ٣٠٠/٣ برقم ٢٩٤.
(٣) هذه الحاشية مخطوطة لم تصل بأيدينا ، وقد صرحت المصادر التي في أول الترجمة بأنّ مولده سنة ١٠٠ ولم تنقل اختلافا في ذلك.
(٤) هنا سقط من قلم الناسخ ، والعبارة الصحيحة : ومات بعد وضعه لعلم العروض في سنة.
(٥) أقول : إنّ لفظ (تسعين) ، و (سبعين) متقاربان في الكتابة ، والصحيح : سبعين ؛ لأنّه لم ينقل عن أحد وفاته بسنة تسعين.