الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-175-3
ISBN الدورة:
الصفحات: ٥٠٢
( قوله قدّس الله روحه ) (١) :
أبواب التيمم
باب أنّ الدقيق لا يجوز التيمم به
أخبرني الشيخ ; عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه ، عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد ابن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن عيسى ، عن ياسين الضرير ، عن حريز ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ٧ عن الرجل يكون معه اللبن أيتوضّأ منه؟ قال : « لا ، إنّما هو الماء والصعيد ».
فنفى أن يكون ما سوى الماء والصعيد يجوز (٢) التوضّؤ به بلفظة « إنّما » لأنّ ذلك مستفاد منها على ما بينّاه في كتابنا الكبير (٣).
السند :
قد قدمنا في جملة من رجاله القول بما يغني عن الإعادة ، والذي ينبغي علمه هنا أنّ محمد بن علي بن بابويه من أجلاّء الطائفة وثقاتهم ،
__________________
(١) في « رض » : قال ١.
(٢) في النسخ : لا يجوز ، والصواب ما أثبتناه من الإستبصار ١ : ١٥٥.
(٣) في الاستبصار ١ : ١٥٥ : في الكتاب الكبير.
وتوضيح حاله أظهر من أن يبيّن ، وقد ذكر في كتاب كمال الدين ما لفظه : حدثنا أبو جعفر محمد بن علي الأسود ٢ قال : سألني علي ابن الحسين ابن بابويه ; بعد موت محمد بن عثمان العمري أن أسأل أبا القاسم الروحي أن يسأل مولانا صاحب الزمان ٧ أن يدعو الله أن يرزقه ولداً ذكراً ، قال : فسألته (١) ذلك ، ثم أخبرني بعد ذلك بثلاثة أيّام أنّه قد دعا لعلي ابن الحسين وأنّه سيولد له ولد مبارك ينفع الله به وبعده أولاد ، قال : فولد لعلي بن الحسين ; تلك السنة ابنه محمد وبعده أولاد.
ثم قال : قال مصنف هذا الكتاب : كان أبو جعفر محمد بن علي الأسود ٢ كثيراً ما يقول لي إذا رآني اختلف إلى مجلس شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ٢ وأرغب في كتب العلم وحفظه : ليس بعجب أن يكون لك هذه الرغبة في العلم وأنت ولدت بدعاء ( صاحب الأمر ٧ ) (٢) (٣). انتهى.
والصدوق ; كثيراً ما يروي عن محمد بن علي الأسود ، والنجاشي ; حكى أنّ السؤال كان على يد علي بن جعفر الأسود (٤) ، ولا أدري الصحة في أيّ الروايتين ، إلاّ أنّ دلالة الرواية على علوّ شأن محمد بن علي بن بابويه ظاهرة.
ومحمد بن الحسن المذكور في السند هو ابن الوليد.
وأمّا محمد بن أحمد بن يحيى فقد قال النجاشي : إنّه كان ثقة في
__________________
(١) في المصدر زيادة : فأنهى.
(٢) في المصدر : الإمام ٧.
(٣) كمال الدين : ٥٠٢ / ٣١.
(٤) رجال النجاشي : ٢٦١ / ٦٨٤.
الحديث ، إلاّ أنّ أصحابنا قالوا : إنّه كان يروي عن الضعفاء ويعتمد المراسيل ، ولا يبالي عمّن أخذ ، وما عليه في نفسه مطعن في شيء ، وكان محمد بن الحسن بن الوليد يستثني من رواية محمد بن أحمد بن يحيى ما رواه عن (١) محمد بن موسى الهمداني ، وما رواه عن رجل ، أو يقول : بعض أصحابنا ، أو عن محمد بن يحيى المعاذي ـ إلى أن قال ـ : أو عن محمد بن عيسى بن عبيد بإسناد منقطع ـ إلى أن قال ـ : قال أبو العباس ابن نوح : وقد أصاب شيخنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن الوليد في ذلك كلّه ، وتبعه أبو جعفر بن بابويه ; على ذلك إلاّ في محمد بن عيسى بن عبيد فلا أدري ما رأيه فيه ، لأنّه كان على ظاهر العدالة والثقة (٢). انتهى.
وقال الشيخ في رجال من لم يرو عن الأئمّة : من كتابه : محمد ابن أحمد بن يحيى الأشعري صاحب نوادر الحكمة روى عنه سعد ، ومحمد بن يحيى (٣) ، وأحمد ( بن إدريس ، ومحمد (٤) بن يحيى المعاذي ، ومحمد بن علي الهمداني ، ومحمد بن هارون ، وممويه ، ومحمد ) (٥) ابن عبد الله بن مهران ، ضعفاء روى عنهم محمد بن أحمد بن يحيى. انتهى (٦).
وأنت إذا تأمّلت المقام ترى أنّه لا يخلو من إشكال أمّا أوّلاً : فما ذكره النجاشي عن الأصحاب أنّه كان يروي عن الضعفاء. غير واضح الاختصاص بمحمد بن أحمد بن يحيى ، لأنّ هذا شأن أكثر الرجال المعتبرين ، واعتماد
__________________
(١) في النسخ : عنه ، والصواب ما أثبتناه.
(٢) رجال النجاشي : ٣٤٨ / ٩٣٩.
(٣) في « فض » الحسن.
(٤) في « فض » و « د » زيادة : بن أحمد. وما أثبتناه من المصدر.
(٥) ما بين القوسين ليس في « رض ».
(٦) رجال الطوسي : ٤٩٣ / ١٢ ١٧.
المراسيل أمر مرجعه إلى الاجتهاد ، فلا وجه لكونه مضرّاً بالحال ، فإنّ كان قول النجاشي : وما عليه في نفسه مطعن. إشارة إلى هذا فله وجه ، إلاّ أنّ ظاهر كلامه يأباه ، مضافاً إلى أنّ تخصيصه الثقة بالحديث ، مع أنّ ظاهر قوله : وما عليه في نفسه مطعن. يدل على أنّه ثقة مطلقا ، ولعل أمر هذا سهل.
نعم اعتماد المراسيل محتمل لأنّ يكون المراد به أنّه يجوّز الإرسال في الرواية مع عدم ذكره ، بل يجوّز أن يؤتى بالرواية متصلة بمن لم يلقه الراوي ، وهذا يفيد نوع قدح في روايته لا في نفسه ، وحينئذ يشكل الاعتماد على رواياته ، إلاّ أنّ الظاهر الاحتمال السابق.
وأمّا ثانياً : فما ذكره ابن الوليد : من استثناء بعض المذكورين مع كونهم ضعفاء. لا وجه له ، لأنّ رواية محمد بن أحمد بن يحيى عن كل ضعيف غير مقبولة ، والاختصاص غير واضح.
وأمّا ثالثاً : فما ذكره ابن الوليد في محمد بن عيسى أتى بلفظ إسناد منقطع ، ومعنى هذا لا يخلو من خفاء ، فإنّ أُريد به أنّه إذا روى محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن عيسى مرسلاً ، فلا وجه له بعد قوله : ما رواه عن رجل. بل إذا كان الإرسال مانعا (١) لا فرق بين محمد بن عيسى وغيره ، وقول أبي العباس : إنّه لا يدري رأيه في محمد بن عيسى. لا يخلو من غرابة بعد ما قررناه ، وقد أوضحت المقام زيادة على ما هنا في معاهد التنبيه على كتاب من لا يحضره الفقيه.
وأمّا رابعاً : فما قاله الشيخ لا يخلو من خلل فيما أظن ، (٢) لأنّ ظاهر
__________________
(١) في النسخ زيادة : و، حذفناها لاستقامة المعنى.
(٢) في النسخ زيادة : لا ، حذفناها لاستقامة المعنى.
أوّل الكلام أنّ محمد بن أحمد بن يحيى المعاذي يروي عن محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري ، وآخر الكلام يقتضي أنّ محمد بن أحمد بن يحيى يروي عنهم.
والظاهر أنّ ابتداء من يروي عنهم محمد بن أحمد بن يحيى : محمد ابن أحمد بن يحيى المعاذي ، وآخر من يروي عنه أحمد بن إدريس ، والتشويش من العطف.
ثم إنّ المذكور في كتاب النجاشي : محمد (١) بن يحيى المُعاذي (٢). كما سمعته ، والشيخ قال : محمد بن أحمد بن يحيى (٣). ولعل أمر هذا سهل.
وفي الفهرست قال الشيخ بعد ذكر جملة من الطرق إلى كتب محمد ابن أحمد بن يحيى : وأخبرنا جماعة ، عن محمد بن علي بن الحسين ، عن أبيه ، ومحمد بن الحسن ، عن أحمد بن إدريس ، ومحمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، وقال محمد بن علي بن الحسين بن بابويه : إلاّ ما كان فيها من تخليط وهو الذي يكون طريقه محمد بن موسى الهمداني. انتهى (٤).
وهذا الكلام من ابن بابويه المنقول يقتضي أنّ ما رواه عن (٥) محمد بن موسى الهمداني خاصّ بالتخليط ، وكلام ابن الوليد يقتضي ردّ مطلق ما رواه
__________________
(١) في « فض » زيادة : بن أحمد.
(٢) رجال النجاشي : ٣٤٨ / ٩٣٩.
(٣) رجال الطوسي : ٤٣٥ / ١١ ، ٤٩٣ / ١٣ ، ولكن في الموضعين : محمد بن يحيى المعاذي.
(٤) الفهرست : ١٤٤ / ٦١٢.
(٥) في « فض » و « د » ونسخة في « رض » : عنه.
عن (١) محمد بن موسى الهمداني ، ولا أدري الوجه في هذا الاختلاف ، ولعل مراد ابن بابويه أنّ كل ما رواه عن (٢) محمد بن موسى فهو مخلط ، والمعنيّ من التخليط غير واضح على كلا الحالين ، فليتأمّل.
إذا عرفت هذا فالرواية المذكورة قد اشتملت على رواية محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن عيسى ، لكن الإسناد غير منقطع ، فالتوقف من هذه الجهة لا وجه له.
المتن :
ظاهر في السؤال عن الوضوء باللبن ، لكن استفادة عدم جواز التيمم بالدقيق إنّما هي من جهة الحصر ، فلا يتوجه على الشيخ أنّ الحديث لا دخل له بالعنوان كما هو واضح ، وما قيل : من أنّه يحتمل أن يكون اللبِن بكسر الباء وهو ( الطين المفخور. فمن البُعد بمكان ، لكنّه في حيّز الإمكان ) (٣) (٤).
والذي ذكره ; في التهذيب بعد هذه الرواية لا يزيد عما هنا (٥) ، لكن في أوّل كتاب الطهارة في بحث الوضوء ذكر في قوله ٧ : « وإنّما لامرئ ما نوى » أنّه يدل على أن ليس له ما لم ينو قال : وهذا حكم لفظة « إنّما » في مقتضى اللغة ، ألا ترى أنّ القائل إذا قال : إنّما لك عندي درهم ، وإنّما أكلت رغيفاً ، دل على نفي أكثر من درهم وأكل أكثر من رغيف.
ويدلُّ على أنّ لفظة « إنّما » موضوعة لما ذكرنا أنّ ابن عباس كان يرى
__________________
(١) في النسخ : عنه ، والصواب ما أثبتناه.
(٢) في النسخ : عنه ، والصواب ما أثبتناه.
(٣) بدل ما بين القوسين في « فض » هكذا : المفخر من الآجر ويحتمل ارادة اللّبن المعروف فمن البعد بمكان ، كما يخفى على تقدير تسليم دخوله في حيّز الإمكان.
(٤) في « رض » زيادة : في باب التيمم.
(٥) التهذيب ١ : ١٨٨ / ٥٤٠.
جواز بيع الدرهم بالدرهمين نقداً ، وناظره على ذلك وجوه الصحابة واحتجّوا عليه بنهي النبي ٦ عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة ، فعارضهم بقوله ٧ : « إنّما الربا في النسيئة » فرأى ابن عباس هذا الخبر دليلاً على أنّه لا ربا إلاّ في النسيئة.
ويدلُّ أيضا على أنّ لفظة « إنّما » تفيد ما ذكرناه أنّ الصحابة لما تنازعت في التقاء الختانين واحتجّ من لم ير ذلك موجباً للغسل بقوله ٧ : « إنّما الماء من الماء » قال الآخرون من الصحابة : هذا الخبر منسوخ. فلولا أنّ الفريقين رأوا هذه اللفظة مانعة من وجوب الغسل من غير إنزال لما احتجّ بالخبر نافوا وجوب الغسل ولا ادّعى نسخه الباقون (١). انتهى.
وذكر في باب المياه الخبر المبحوث عنه دليلاً على عدم جواز الطهارة بالمضاف ، وأشار إلى أنّه قدّم القول في بيان الحصر فيه (٢).
ولا يخفى أنّه يمكن المناقشة في بعض الدليل على الحصر بإنّما ، فإنّ استدلال ابن عباس بمجرّده لا يثبت حكماً يلزم غيره ، إلاّ إذا وافقه الغير ، ولم ينقل الشيخ الموافقة ؛ والأمثلة المذكورة من قوله : إنّما لك عندي درهم ، وإنّما أكلت رغيفاً ، يجوز أن يكون للقرائن فيها مدخليّة ، وما نحن فيه لا يبعد استفادة الحصر من القرينة أيضاً ، وهو كاف في المطلوب ، وقد قدّمنا في الخبر الأوّل كلاماً عن العلاّمة في الاستدلال على الحصر بإنّما لا حاجة لإعادته.
ثم إنّ الضمير في قوله : « إنّما هو » غير ظاهر المرجع ، وكأنّه عائد إلى ما يتطهّر به ، والمقام قرينته.
__________________
(١) التهذيب ١ : ٨٤ / ٢١٩ ، ٢٢٠ ، الوسائل ٢ : ١٨٤ أبواب الجنابة ب ٦ ح ٥.
(٢) التهذيب ١ : ٢١٨ ، الوسائل ١ : ٢٠١ أبواب الماء المضاف ب ١ ح ١.
أمّا توجيه الجواب عمّا عساه يقال في الخبر : من أنّ السؤال عن الوضوء فأيّ حاجة لذكر الصعيد ، فيمكن أن يقال فيه : إنّه ٧ أتى بفائدة زائدة عن مقتضى السؤال.
وفي الفقيه : ولا يجوز التوضّؤ باللبن لأنّ الوضوء إنّما هو بالماء أو الصعيد (١). وقد ذكرنا في حاشيته ما يتوجه عليه ، غير أنّه ينبغي أن يعلم هنا أنّ الظاهر من كلامه إرجاع الضمير للوضوء ، وحينئذ يجوز أن يراد بالوضوء ما يتناول التيمم مجازاً من باب استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه ، أو يراد بالوضوء ما يدخل به في الصلاة فيكون من باب عموم المجاز ، فليتأمّل.
اللغة :
قال في القاموس : الصعيد : التراب أو (٢) وجه الأرض (٣).
وينقل عن السيد المرتضى أنّه قال باشتراط التراب في التيمم ، واحتجّ بقوله تعالى ( فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ) (٤) قائلاً : إنّ الصعيد هو التراب ( بالنقل عن أهل اللغة (٥). والمفيد في المقنعة قال : والصعيد هو التراب (٦) ) (٧). والجوهري نقل عنه ذلك أيضا (٨).
__________________
(١) الفقيه ١ : ١١.
(٢) في النسخ : ووجه الأرض ، وما أثبتناه من المصدر.
(٣) القاموس المحيط ١ : ٣١٨ ( صعد ).
(٤) النساء : ٤٣ ، المائدة : ٦.
(٥) نقله عنه في المعتبر ١ : ٣٧٢.
(٦) المقنعة ٥٩.
(٧) ما بين القوسين ليس في « رض ».
(٨) الصحاح ٢ : ٤٩٨ ( صعد ).
ونقل عن الخليل : إنّه وجه الأرض (١) ، وكذا عن الزجاج (٢) ، وحكاه ثعلب عن ابن الأعرابي (٣) ، وقد ذكرت ما لا بد منه في حاشية الروضة.
والذي ينبغي ذكره هنا أنّ الأولى الاستدلال على ( أنّ الصعيد التراب ) (٤) بخبر زرارة السابق في باب مقدار ما يمسح الرأس ، حيث قال فيه : « ثم قال ( فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ) إلى أن قال : « « منه » أي من ذلك التيمم ، لأنّه علم أنّ ذلك لا يجزي على الوجه ، لأنّه يعلق من ذلك ببعض الكف ولا يعلق ببعضها » ولم أر الآن من تعرّض للاستدلال بالخبر ، وهو أسلم من الشبهات الواردة على الاستدلال بكلام أهل اللغة (٥) ، فتأمّل.
قوله :
فأما ما رواه الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن ابن بكير. عن عبيد بن زرارة قال : سألت أبا عبد الله ٧ عن الدقيق يتوضّأ به قال : « لا بأس بأن يتوضّأ به وينتفع به ».
فالوجه في قوله « لا بأس بأن يتوضّأ به » إنّما أراد به الوضوء الذي هو التحسين وتدلك الجسد به دون الوضوء للصلاة ، والذي يكشف عن ذلك :
ما أخبرني به الشيخ ; عن أحمد بن محمد ، عن أبيه محمد ابن الحسن ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ،
__________________
(١) العين ١ : ٢٩٠ ( صعد ).
(٢) نقله عنه في مجمع البيان ٢ : ٥٢ وفي المصباح المنير : ٣٤٠.
(٣) الحبل المتين : ٩٠ ، المدارك ٢ : ١٩٧.
(٤) بدل ما بين القوسين في « فض » : ذلك.
(٥) في « رض » و « د » زيادة : كما يعلم مما أشرنا إليه.
عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا عبد الله ٧ عن الرجل يطلي بالنورة فيجعل الدقيق بالزيت يلته به ويتمسح به بعد النورة ليقطع ريحها قال : « لا بأس ».
السند :
في الأوّل قد تكرّر القول في رجاله.
وكذا الثاني ، إلاّ أنّ عبد الرحمن بن الحجاج قد قدّمنا فيه كلاماً لا يخلو من إجمال (١) ، ولا بأس بذكر حاله هنا زيادة على ذلك : فاعلم أنّ النجاشي قال في شأنه : إنّه رمي بالكيسانية ، وروى عن أبي عبد الله وأبي الحسن ٨ ، وبقي بعد أبي الحسن ورجع إلى الحق ولقي الرضا ٧ وكان ثقة ثقة ثبتاً وجهاً (٢).
وهذا الكلام كما ترى وإن كان يقتضي أنّ الرامي له بالكيسانية غير معلوم ليفيد قدحاً فيه ، إلاّ أنّ قوله : ورجع إلى الحق. يدل على الاعتراف من النجاشي بذلك ، إلاّ أن يقال : إنّ قوله : ورجع إلى الحق. من تتمّة القول المحكي عن الغير ، وفيه بُعد لا يخفى.
والصدوق ذكر في مشيخة الفقيه : أنّ عبد الرحمن بن الحجاج كان موسى ٧ إذا ذكر عنده قال : « إنّه لثقيل في الفؤاد » (٣) والكشي روى هذا أيضا لكن بنوع مغايرة ، فإنّه قال في الرواية : « ثقيل على الفؤاد » (٤) والرواية
__________________
(١) في ج ٢ : ٣٦٧.
(٢) رجال النجاشي : ٢٣٧ / ٦٣٠.
(٣) مشيخة الفقيه ( الفقيه ٤ ) : ٤١.
(٤) رجال الكشي ٢ : ٧٤٠ / ٨٢٩.
غير سليمة الطريق ، وظاهر الصدوق الاعتماد على ذلك.
ولشيخنا المحقق ميرزا محمد أيّده الله توجيه لهذا القول بما لا يقدح في شأن عبد الرحمن ، وأظنّه تقدّم ، وهو أن يكون ثقيلاً على فؤاد المخالفين ، أو الاسم ثقيل فيه وفي أبيه (١). وهذا التوجيه وإن بَعُد إلاّ أنّه وجه لا بأس به.
وعلى تقدير الارتياب إذا روى عبد الرحمن عن الرضا ٧ فلا ريب في صحّة الرواية ، لأنّها بعد الرجوع ، أمّا روايته عن أبي عبد الله وأبي الحسن ٨ فالارتياب حاصل فيها.
والعلاّمة في الخلاصة قال : إنّه كان وكيلاً لأبي عبد الله ٧ (٢). وفي ثبوت التوثيق بالوكالة على الإطلاق نظر أشرنا إلى وجهه فيما تقدّم ، وهو أن الوكالة إنّما تُثبت التوثيق فيما يتوقف على ذلك ، ولم أقف على طريق معتبر لثبوت الوكالة ، هذا كلّه إذا لم يعمل بالموثّق ( وإلاّ فالأمر ) (٣) واضح.
وفي رجال الصادق ٧ من كتاب الشيخ : إنّ عبد الرحمن كان أُستاذ صفوان (٤). وصفوان هو ابن يحيى ، وحاله أظهر من أن يبيّن.
المتن :
لا يخفى أنّه متضمن للوضوء ، فذكره في باب التيمم قد ينكر على الشيخ ، ويجاب بأنّ الوضوء لا يمكن حمله على ظاهره ، بل احتمال إرادة التيمم منه ظاهر ، فيتم احتمال المعارضة لما سبق ، وما قاله الشيخ من
__________________
(١) منهج المقال : ١٩١.
(٢) خلاصة العلامة : ١١٣ / ٥.
(٣) في « فض » : والأمر.
(٤) رجال الطوسي : ٢٣٠ / ١٢٦.
التوجيه واضح ، والاستشهاد له في الخبر الثاني غير محتاج إليه ، بل ربما يظن عدم الدلالة على المطلوب من إطلاق الوضوء على استعمال الدقيق ، لكن الأمر سهل بعد ما تسمعه من كلام أهل اللغة ، وفي الأخبار أيضاً ما يدلّ على استعمال الوضوء في مثل هذا.
اللغة :
قال في القاموس : الوضاءة : الحسن والنظافة (١). وقال ابن الأثير في النهاية : الوضاءة ، الحسن والبهجة ، يقال : وضُأت فهي وضيئة ؛ وقال أيضا : يقال : هو أوضأ منك ، أي أحسن (٢).
قوله :
باب التيمم في الأرض الوحلة والطين والماء
أخبرني الشيخ ; عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن العباس بن معروف ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ٧ قال : « إذا كنت في حال لا تقدر إلاّ على الطين فتيمم به ، فإنّ الله تعالى أولى بالعذر ، إذا لم يكن معك ثوب جاف ولا لبد تقدر على أن تنفضه وتتيمم به ».
وعنه ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن علي بن محبوب ، عن معاوية بن حكيم ، عن عبد الله
__________________
(١) القاموس المحيط ١ : ٣٣ ( الوضاءة ).
(٢) النهاية لابن الأثير ٥ : ١٩٥ ( وضأ ).
ابن المغيرة ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفر ٧ قال : « إذا كنت في حال لا تجد إلاّ الطين فلا بأس أنّ تتيمم (١) به ».
عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن رفاعة ، عن أبي عبد الله ٧ قال : « إذا كانت الأرض مبتلّة ليس فيها تراب ولا ماء فانظر أجفّ موضع تجده فتيمم منه ، فإنّ ذلك توسيع من الله عز وجل » قال (٢) : « وإن كان في حال لا يجد إلاّ الطين فلا بأس أنّ يتيمم منه ».
السند :
في الجميع ليس فيه لبس بعد ما قدّمناه ، سوى أنّه ينبغي أن يعلم أنّ السند الأخير (٣) ليس من قسم الصحيح ، لأنّ محمد بن عيسى الأشعري الواقع التعبير عنه بأبيه بعد أحمد بن محمد الراوي عنه سعد غير معلوم التوثيق ، إلاّ من حيث إنّ العلامة ذكره في القسم الأوّل من الخلاصة وأتى بعبارة النجاشي ، وهي أنّه شيخ القميين ووجه الأشاعرة متقدّم عند السلطان ودخل على الرضا ٧ وسمع منه ، وروى عن أبي جعفر الثاني ٧ (٤) ، وقد وصف أيضا بعض روايات هو فيها بالصحة في بعض مصنفاته (٥). وأنت خبير بأنّ هذا لا يفيد توثيقاً.
__________________
(١) في الاستبصار ١ : ١٥٦ / ٥٣٨ : تيمم.
(٢) في الاستبصار ١ : ١٥٦ / ٥٣٩ زيادة : فإن كان في ثلج فلينظر لبد سرجه فليتيمم من غباره أو شيء مغبّر ، وفي الهامش أنها زيادة من التهذيب.
(٣) في « فض » زيادة : ربما.
(٤) خلاصة العلاّمة : ١٥٤ / ٨٣.
(٥) المختلف ١ : ٢٦٢.
وأشار إلى ما في الخلاصة جدّي ١ في الفوائد عليها فقال : هذه العبارة لا تدلّ صريحاً على توثيقه ، نعم قد يظهر منها ذلك. انتهى.
وما ( قد يقال : إنّ كونه ) (١) شيخ القميين يفيد التوثيق ، لأنّ المعروف من المشيخة ذلك كما في كثير من مشايخ الشيخ ، بل وغيره. محل بحث أيضا.
وأمّا السند الثاني : فلا يبعد صحّته ، لولا عدم توثيق ابن بكير من النجاشي (٢) ، نظراً إلى ما أسلفناه من أنّ توثيق النجاشي مع عدم التعرض لفساد المذهب مقدّم على قدح الشيخ (٣).
وليس فيه غير من ذكرناه إلاّ معاوية بن حكيم ، وقد وثّقه النجاشي ساكتاً عن كونه فطحياً (٤).
وأمّا عبد الله بن المغيرة فليس فيه ارتياب ، لأنّ النجاشي وثّقه مرّتين قائلاً : لا يعدل به أحد من جلالته ودينه وورعه (٥).
وما في الكشي : من أنّه وجد بخط أبي عبد الله بن محمد الشاذاني قال العبيدي محمد بن عيسى : حدثني الحسن بن علي بن فضال قال : قال عبد الله بن المغيرة : كنت واقفاً فحججت على تلك الحالة فلمّا صرت مكة خلج في صدري شيء فتعلّقت بالملتزم ، ثم ذكر أنّه دعا الله بالتوفيق لدينه ثم أتى الرضا ٧ واعترف بأنّه حجّة الله وأمينه على خلقه (٦).
__________________
(١) في « رض » : يقال : إنّه.
(٢) رجال النجاشي : ٢٢٢ / ٥٨١.
(٣) في « د » زيادة : وعدم ذكر فساد المذهب من النجاشي وإن لم يوثقه يقتضي نوع توقف ثبوت فساد المذهب ، إلاّ ان يقال : إنّ ثبوت التوثيق من الشيخ مقارن لفساد المذهب ، فاللازم من التوثيق فساد المذهب ، وفيه أنّ المعارضة إنّما هو في فساد المذهب ، أمّا التوثيق فلا ، ويشكل بان عدم التوثيق من النجاشي معارض ، فليتأمل.
(٤) رجال النجاشي : ٤١٢ / ١٠٩٨.
(٥) رجال النجاشي : ٢١٥ / ٥٦١.
(٦) رجال الكشي ٢ : ٨٥٧ / ١١١٠ ، وفيه : أبي عبد الله محمد بن شاذان.
ففيه : أنّ الرواية مشتملة على الشاذاني وحاله غير معلوم على وجه يعتمد عليه ، والحسن بن علي بن فضال يتوقف قبول قوله على العمل بالموثّق لو سلمت حال الشاذاني.
أمّا ما وقع في الخلاصة بعد توثيقه مرّتين من قوله : قال الكشي : روي أنّه كان واقفياً ثم رجع (١). فلا يخفى ما فيه ، وقد نقل الكشي الإجماع على تصحيح ما يصح عنه والإقرار له بالفقه (٢) فهو مؤيّد لما قدمناه.
فإن قلت : قد نقل الكشي في محمد بن أحمد بن نعيم الشاذاني رواية تدل على علوّ مرتبته فكيف يقال : إنّه غير معلوم الحال؟!.
قلت : الرواية بتقدير تسليم سندها راجعة إلى شهادته لنفسه فلا يفيد شيئا ، وعلى تقدير عدم ضرر ذلك لا يفيد أيضا ، والرواية سندها آدم بن محمد قال : سمعت محمد بن شاذان بن نعيم يقول : جمع عندي مال الغريم فأنفذتُ به إليه وألقيتُ فيه شيئاً من صلب مالي ، قال : فورد في الجواب : « قد وصل إليّ ما أنفذتَ من خاصّة مالك فيها كذا وكذا تقبّل الله منك » (٣) وقد رواها الصدوق في كمال الدين عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار ، عن أبيه قال : حدثنا محمد بن شاذان (٤) وذكر الرواية ، والكلام فيما عدا السند واحد.
المتن :
في الأوّل ظاهر الدلالة على أنّ الطين يتيمم به إذا لم يكن مع الإنسان
__________________
(١) خلاصة العلاّمة : ١١٠.
(٢) رجال الكشي ٢ : ٨٣٠ / ١٠٥٠.
(٣) رجال الكشي ٢ : ٨١٤ / ١٠١٧.
(٤) كمال الدين : ٥٠٩ / ٣٨ بتفاوت يسير.
ثوب جاف ولا لبد يقدر على أن ينفضه ، والظاهر أنّ المراد ليس مجرد النفض ، بل إذا خرج منه تراب ، كما يدل عليه خبر رفاعة الآتي ( وإن كان ) (١) في النسخة التي رأيتها للكتاب ( وقع فيه ) (٢) نقيض ما هو مطلوب.
والذي في التهذيب : قال : « وإن كان في ثلج فلينظر لبد سرجه فليتيمم من غباره أو شيء مغبّر ، وإن كان في حال لا يجد إلاّ الطين فلا بأس أن يتيمم به » (٣) وهذه الزيادة هي المطلوبة لتقييد ما قلناه ، وقد نقله في المختلف العلاّمة واصفاً لها بالصحة (٤) ، وهو من جملة المواضع الذي قلنا : إنّ العلاّمة يصف فيه رواية فيها محمد بن عيسى الأشعري بالصحة (٥).
ثم إنّ ظاهر الأخبار الثلاثة إطلاق التيمم بالطين ، قال في المقنعة : إذا حصل في أرض وحلة وهو محتاج إلى التيمم ولم يجد تراباً فلينفض ثوبه أو عرف دابّته إن كان راكباً أو لبد سرجه ورحله ، فإن خرج من شيء من ذلك غبرة يتيمم بها ، وإن لم يخرج منه غبرة فليضع يديه على الوحل ثم يرفعهما فيمسح إحداهما بالأُخرى حتى لا يبقى فيهما نداوة وليمسح بها وجهه وظاهر كفيه (٦).
وقد اختار العلاّمة في المختلف هذا القول ، وجعل من مؤيّداته موثقة زرارة وهي الرواية الثانية ، لكن أتى بالمتن فيها زائداً على ما هنا ، وهو عن أبي جعفر ٧ قال : « إنّ أصابه الثلج فلينظر لبد سرجه فليتيمم من غباره أو من
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في « رض ».
(٢) ما بين القوسين ليس في « رض ».
(٣) التهذيب ١ : ١٩٠ / ٥٤٦ ، الوسائل ٣ : ٣٥٤ أبواب التيمم ب ٩ ح ٤.
(٤) المختلف ١ : ٢٦٢.
(٥) راجع ص ٧٣٦.
(٦) المقنعة : ٥٩ ، بتفاوت يسير.